شخصيات أكاديمية وإعلامية تتناول إبعاد دعوة احمد علي عن الأحداث الأخيرة

مجال نت

تناولت  شخصيات أكاديمية واعلامية بعمق بخصوص  أبعاد دعوة الأخ أحمد علي عبدالله صالح، نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام لمجلس القيادة الرئاسي ولأطراف وفرقاء العمل السياسي في اليمن على إثر أحداث المناطق الشرقية في البلاد.

شارك في الندوة كلا من:
- د. الدكتور علي الخولاني، استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية سابقاً بجامعة الجزائر.
- ا. نورا الجروي، رئيس تحالف نساء من أجل السلام.
- ا. نزار الخالد، رئيس تحرير صحيفة المنتصف.
- د. عبدالرحمن ناجي، استاذ نظم المعلومات الإدارية بجامعة صنعاء.
د. مطهر الريدة، استاذ العلاقات العامة بكلية الإعلام-جامعة الأزهر.
- د. فؤاد البداي، استاذ العلوم السياسية بجامعة تعز.
- أ. إبراهيم العشماوي، مدير تحرير جريدة الأهرام المصرية-خبير في الشؤون اليمنية.
- أ. محمد عكلود، مستشار التوجه البديل.
------------------------------
"المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية"
تقرير حول نــــدوة:
"أبعاد دعوة السفير أحمد علي عبدالله صالح، نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام، على خلفية أحداث المناطق الشرقية في اليمن"

د. علي الخولاني، استاذ سابق للعلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر-رئيس المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة: "البعد المفاهيمي في دعوة الأخ أحمد علي عبدالله صالح، نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام"

  بدأ الأخ احمد علي عبد الله صالح حديثه إلى مجلس القيادة الرئاسي وجميع أطراف وفرقاء العمل السياسي في اليمن بعبارة أدعو مخلصاً، وهي عبارة تنم عن أن دعوته نابعة من صميم قلبه ومن أعماقه معبراً عن الألم الذي ينتابه جراء الأوضاع والأحداث التي جرت وتجري في المناطق الشرقية لليمن كونها تعطل الهدف الأسمى لجميع اليمنيين وهو استعادة الدولة، كما تؤثر على السلم المجتمعي، ووحدة الصف الوطني.
   كما ركز الأخ أحمد علي في دعوته المقتضبة على قيم الولاء الوطني وخاطب ضمائر من وجه لهم الدعوة من خلال عبارات واضحة-جلية تمثل نصائح ذهبية تشكل في حال تطبيقها خارطة طريق حقيقة لكسر المأزق والجمود الذي يهيمن على المشهد اليمني بكافة جوانبه، ومن هذه العبارات قوله: "تجاوز الدوافع الخاصة وأسباب التنازع والاختلاف وإعلاء مصلحة الوطن العليا التي تجمعنا فوق وقبل أي اعتبارات أو مشاريع خاصة اياً كان شكلها ودوافعها.." 
 كما تطرق الأخ أحمد علي عبد الله صالح إلى تطلعات الشعب اليمني من خلال ثلاثة عناصر وهي: التعايش، الأمن والإستقرار، وهذه الطموحات الثلاثة تقود إلى نتيجة مركبة من ثلاثة أجزاء النتيجة هي السلام بأبعاده الثلاثة عادل، شامل ومستدام، وهذه التطلعات بنتيجتها هي في الحقيقة جوهر المصلحة العليا للشعب اليمني.
  في اعتقادي أن الأخ أحمد علي عبدالله صالح، تطرق في دعوته بشكل غير مباشر إلى أنانية وانتهازية النخب اليمنية المتصدرة للمشهد اليمني اليوم، التي انتجت خلافات وتباينات طارئة أو لنقول مختلقة، تعارض المصلحة العليا للوطن وهذه التباينات قائمة على المصالح والمشاريع الخاصة والولاءات الضيقة.   
  ولهذا أكد الأخ أحمد علي عبد الله صالح في دعوته إلى ضرورة العودة إلى لغة العقل والحوار المسؤول لمعالجة الاشكاليات الناتجة عن المصالح والولاءات الضيقة والمشاريع الخاصة، وأكد أن التصعيد  لن يؤدي إلا لزعزعة أمن اليمن واستقراره، كما أكد أن المرحلة الراهنة تتطلب خطاب وطني متماسك وتعامل مسؤول يضع مصلحة البلاد والشعب اليمني فوق أي مصلحة أخرى.
 وكرر الأخ أحمد علي عبدالله صالح في نهاية دعوته بحديث يؤكد على العمل الجماعي؛ إذ قال: "فالنجتمع جميعاً حول دعوة صادقة لتوحيد الجهود والطاقات، ورص الصفوف، والعمل المشترك في مواجهة العدو والمخاطر المشتركة، من أجل يمنٍ آمن ومستقر يتسع لكل أبنائه".
  في الختام من يتابع خطابات الأخ أحمد علي عبدالله صالح، سيدرك أن الرجل وضع الخطوط العريضة والمحاور الرئيسية لمشروع وطني جامع لإنقاذ اليمن، في حال ما تم الاستفادة منها والعلم على البناء عليها من قبل المختصين في العلوم السياسية، الإقتصادية، الإجتماعية، الإدارية، الأمنية، العسكرية وكافة المجالات التي تلامس حياة المواطن اليمني.

نورا الجروي، رئيس تحالف نساء من أجل السلام: البعد الاجتماعي في خطاب الأخ  أحمد علي عبدالله صالح نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام على ضوء الأحداث الأخيرة في المناطق الشرقية لليمن، خلال الندوة التي يقيمها المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية
الأخوة والأخوات الحاضرون جميعا
  يسعدني ان اشارك معكم في هذه الندوة الهامة التي تناقش أبعاد خطاب سيادة الأخ احمد علي عبدالله صالح نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام، تأتي كلمة سيادة الأخ  أحمد علي عبدالله صالح في لحظة سياسية واجتماعية بالغة الخطورة والحساسية، تتقاطع فيها التحديات الأمنية مع التصدعات الاجتماعية الناتجة عن سنوات الحرب والانقسام والصراع. وفي ظل ما شهدته محافظة حضرموت من أحداث، يبرز هذا الخطاب ليس فقط كموقف سياسي، بل كنداء اجتماعي يهدف إلى حماية السلم الأهلي وصون النسيج المجتمعي اليمني من مزيد من التفكك.
أولًا: خطاب احمد علي عبدالله صالح والسلم الاجتماعي كمرتكز وطني
  يرتكز الخطاب على التأكيد بأن السلم الاجتماعي ليس قضية هامشية أو تابعة للملف الأمني، بل هو شرط أساسي لاستقرار الدولة واستعادة مؤسساتها. فالدعوة إلى الوقف الفوري للتصعيد وضبط النفس تعكس إدراكًا عميقًا بأن أي انزلاق نحو العنف يترك آثارًا طويلة المدى على العلاقات الاجتماعية، ويغذّي الكراهية والانقسام داخل المجتمع الواحد ويعبّر عن فهم اجتماعي لمسألة السلطة والصراع،
ثانيًا: حماية النسيج الاجتماعي في مواجهة الاستقطاب
  يبرز في الخطاب إدراك واضح لخطورة الاستقطاب السياسي والمناطقي على وحدة المجتمع اليمني. فالتأكيد على وحدة الصف الوطني، يحمل رسالة اجتماعية مفادها أن الانقسام لا يُضعف الخصوم فقط، بل يُضعف المجتمع ذاته، ويهدد تماسكه وقيم التعايش فيه.
  كما أن الربط بين السلم الاجتماعي ومواجهة الانقلاب الحوثي والتنظيمات الإرهابية يعكس فهمًا بأن هذه القوى تستثمر في الانقسامات الاجتماعية، وتغذي النزاعات المحلية لتحقيق أهدافها، ما يجعل وحدة المجتمع خط الدفاع الأول أمامها.
ثالثًا: الخطاب المسؤول كأداة لتهدئة المجتمع
  من أبرز أبعاد الكلمة تركيزها على لغة العقل والحوار المسؤول، وهو بُعد اجتماعي بامتياز. فالخطاب السياسي المتشنج لا يبقى حبيس المنصات، بل ينعكس مباشرة على الشارع، ويغذّي العنف اللفظي والسلوكي، ويؤسس لشرعنة الصراع داخل المجتمع.
  وعليه، فإن الدعوة إلى خطاب وطني متماسك تمثل محاولة لإعادة ضبط المجال العام، وتحويله من ساحة تحريض واستقطاب إلى مساحة تهدئة وتفاهم، وهو ما تحتاجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة.
رابعًا: حضرموت كنموذج لاختبار السلم الأهلي
  تشير الكلمة بوضوح إلى أن ما جرى في المحافظات الشرقية، وفي مقدمتها حضرموت، يُعد اختبارًا حقيقيًا لقدرة القوى السياسية على إدارة الخلافات دون الانزلاق إلى العنف. فحضرموت بما تمثله من ثقل اجتماعي وتاريخي، كانت ولا تزال نموذجًا للتعايش والاستقرار النسبي، وأي مساس بسلمها الاجتماعي ينعكس على عموم اليمن.
  ومن هنا، فإن الدعوة لضبط النفس وعدم التصعيد تحمل بُعدًا وقائيًا لحماية هذا النموذج ومنع تعميم الفوضى على بقية المحافظات.
  أخيرا في المحصلة، يمكن قراءة كلمة سيادة الأخ  أحمد علي عبدالله صالح بوصفها خطابًا اجتماعيًا بامتياز، يضع السلم الأهلي ووحدة النسيج المجتمعي في صدارة الأولويات الوطنية. فهي لا تكتفي بتشخيص الأزمة السياسية، بل تذهب إلى جذورها الاجتماعية، مؤكدة أن استعادة الدولة لا يمكن أن تتم في بيئة ممزقة اجتماعيًا، ولا عبر خطاب إقصائي .
  إن الرسالة الجوهرية للخطاب تتمثل في أن حماية المجتمع من الانقسام هي المدخل الحقيقي لأي سلام عادل وشامل ومستدام، وأن اليمن لا يمكن أن ينهض إلا بتغليب منطق التعايش والحكمة والمسؤولية الوطنية.

نزار الخالد، رئيس تحرير صحيفة المنتصف: "قراءة البعد الوطني في خطاب الأخ أحمد علي عبدالله صالح"
   يبرز خطاب نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام، أحمد علي عبدالله صالح، بوصفه تعبيرًا متقدمًا عن بعد وطني جامع، يسعى إلى إعادة الاعتبار لمفاهيم الدولة والهوية الجامعة في ظرف يمني بالغ التعقيد تتداخل فيه التحديات السياسية والأمنية والاجتماعية. فقد جاءت دعوته إلى رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي وكافة القوى والمكونات السياسية لتجاوز الخلافات والمصالح الضيقة، وتغليب المصلحة الوطنية العليا، في لحظة دقيقة تتطلب قدرًا عالياً من المسؤولية السياسية والوطنية، مؤكدًا أن الوحدة الوطنية هي المدخل الحقيقي لتحقيق الاستقرار واستعادة الدولة.
  يتأسس هذا البعد الوطني على مركزية الدولة اليمنية بوصفها المرجعية الجامعة التي تحتضن جميع أبنائها، مع التشديد على رمزية الدستور والمؤسسات والهوية الوطنية كقواسم مشتركة تتجاوز الانقسامات المناطقية والمذهبية. ويشكل مفهوم الوحدة الوطنية ركيزة أساسية للخطاب، مقرونًا بتأكيد السيادة ورفض الوصاية، ما يعكس أولوية القرار الوطني المستقل في مواجهة التحديات والأزمات.
  ويولي الخطاب أهمية خاصة لدور المؤسسة العسكرية والأمنية كعمود فقري للدولة، مع التأكيد على مهنيتها ووطنيتها، وضرورة تحييدها عن الاستقطاب السياسي، بما يعزز قدرة الدولة على حماية أمنها وإعادة البناء المؤسسي بعيدًا عن الصراعات العابرة. كما يتضمن الخطاب بعدًا تصالحيًا ناضجًا، يدعو إلى لمّ الشمل وطيّ صفحات الصراع عبر الحوار المسؤول، باعتباره مدخلاً عمليًا لإعادة الاستقرار وإحياء المشروع الوطني.
  ويستدعي الخطاب الذاكرة السياسية للدولة اليمنية الحديثة كسردية استمرارية تمنح الطرح الوطني عمقًا رمزيًا يعزز الثقة بإمكان استعادة الدولة، ويؤكد على ارتباط الوطنية بالبعد المعيشي، من خلال ربطها بإعادة الإعمار والتنمية وتحسين الخدمات، باعتبارها نتائج مباشرة لاستقرار الدولة.
  وفي دعوته إلى المجلس الرئاسي وكافة القوى السياسية، يقدّم صالح خطاب تهدئة وضبط نفس، محذرًا من مغبة أي تصعيد أو إجراءات أحادية قد تعمّق الانقسام وتهدد السلم الاجتماعي، ما يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة المرحلة، وإدراكًا بأن الاستقرار الداخلي شرطٌ أساسي لمواجهة التحديات الكبرى، وفي مقدمتها استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء الانقلاب ومكافحة الإرهاب.
  ويبلغ البعد الوطني ذروته في التأكيد على توحيد الخطاب والجهود الوطنية لمواجهة المخاطر المشتركة، وربط ذلك بتطلعات الشعب اليمني في سلام عادل وشامل ومستدام. فالوطنية هنا ليست شعارًا تعبويًا، بل رؤية سياسية متماسكة تقوم على الحوار والشراكة وتغليب المصلحة العامة.
  خلاصة القول: خطاب أحمد علي عبدالله صالح يعكس رؤية وطنية متكاملة ترتكز على مفردات الدولة والوحدة والسيادة والمصالحة، ويقدّم الوطنية بوصفها إطارًا جامعًا لإدارة الخلاف وبناء المستقبل، في دعوة صريحة لشراكة وطنية مسؤولة تضع اليمن فوق كل اعتبار.

د. عبدالرحمن ناجي، استاذ نظم المعلومات الإدارية بجامعة صنعاء: "لماذا لا يستجاب للدعوات المتكررة لسعادة السفير للاصطفاف الوطني الجامع وجعل اليمن فوق كل اعتبار؟!"
   للإجابة عن هذا التساؤل، لابد لنا من العودة لجذور المشكلة، لابد لنا من استحضار السنة 2011 التي قذفت باليمن أرضا وانسانا في قبضة التيه والمجهول واللاعودة حتى الان تحديدا، حيث وجدت أحزاب المعارضة شماعتها الشهيرة وأسست عليها مطالبتها برحيل النظام، فرحل النظام ورحل الأمن والأمان والاستقرار، ورحلت معه الحياة الديمقراطية، ورحلت معه الحياة الدستورية والقانونية، ورحلت معه حتى الابتسامة في وجوه البشر، تلك الشماعة التي دغدغت بها قوى المعارضة وبعض الرموز القبلية آمال وطموحات الشباب آنذاك، للدرجة التي سلبتهم ارادتهم واستحوذت على عقولهم، هي رفض مبدأ التوريث بزعمهم، ورفض نقل السلطة من الرئيس الصالح لابنه أحمد، رغم تأكيدات الرئيس الصالح آنذاك أن هذا الأمر مستبعد تماما ولا أساس له من الصحة، فحدث ما حدث، وحل الخراب والدمار في كل أرجاء اليمن العظيم، حتى باتت أرض اليمن الطاهرة على حالة من البؤس والشقاء غير مسبوقة في التاريخ إلا مع انهيار سد مأرب، الذي نتج عنه رحيل وتشرذم اليمنيين في كل أصقاع الكرة الأرضية، مع اختلاف الأسباب التي أفضت لكلا الحدثين التريخيين، فالكارثة الأولى طبيعية بينما الكارثة المعاصرة من صنع آيادي بشرية للأسف الشديدة.
  تحققت مطالب أولئك، وبأقل ما يمكن من الخسائر، بفضل حنكة ودهاء الرئيس الصالح الذي ظل حريصا حتى بعد رحيله عن السلطة، على عدم انزلاق اليمن إلى مخططات أكثر خبثا يراد منها سحق الأخضر واليابس بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وبرحيل الصالح رحلت معه حتى الحياة السياسية والتعددية الحزبية حرفيا، رحل قادة الأحزاب والمكونات السياسية إلى خارج اليمن، فدخلت الأحزاب غرف الانعاش ولم يعد اليمنيون يسمعون لها صوتا، حتى بعد وجود السلطة المعترف بها دوليا التي بات الجميع يطلقون عليها (السلطة الشرعية) في المناطق والحافظات المسماه مجازا (المحررة).
  وحتى بعد وجود مساحة ورقعة على أرض اليمن يتواجد فيها نموذج من مظاهر الدولة متمثلة في السلطة القائمة في الساحل الغربي المحاذي للبحر الأحمر، لم تنتهز تلك المكونات السياسية تلك الفرصة لمعاودة ممارسة نشاطها في أي شبر من ارض اليمن وفضلت البقاء على حالها في حالة موت سريري ينتظر اااعلان الرسمي للوفاة أو أن يبعث الله من في القبور بتدخل الهي سماوي صرف. الان ونحن في 2025م ومع وجود السفير أحمد علي عبدالله صالح مغردا سياسيا وصوتا وحيدا يحاول جاهداً وبأقصى ما وهبه الله من قوة تحريك عجلة الحياة السياسية وتحسس مواضع الخلل ووضع حلول ومعالجات والبحث عن مسار أو خارطة طريق للخروج باليمن من بحر الظلمات، تنبري تلك الكائنات والكيانات المعتلة المشبعة والمعجونة بثقافة الحقد والبغضاء والكراهية، لتعود إلى نفس مربع 2011م، ولتضع علامات استفهام تنضح بمنتهى السطحية وعدم استيعاب الواقع الكارثي المؤلم الذي اصبحنا عليه اليوم بسببهم وما يمكن اعتباره ثمار المر والعلقم لما جنتهم أياديهم.
   خلاصة تلك التساؤلات، لماذا أحمد علي تحديدا، هو من يطلق الدعوات للتصالح والتسامح، ويحاول ايجاد إرادة وطنية جامعة لحلحة الوضع في اليمن، وبدلا من التكاتف مع دعواته، أو تقديم رؤى وتصورات أخرى بديلة، صار هاجسهم وشغلهم الشاغل، خوفهم وقلقهم ورعبهم من تنامي شعبية الرجل، وثبوت الأمر لديهم أنه رغم زهده في السلطة وعدم رغبته بها إلا أنها هي التي تسعى إليه بكل عنفوانها. تلك الثلة من البشر، ولا أقول الكيانات السياسية، فالكيانات السياسية كما اسلفت صارت في حكم الميت، أفزعها أولا رفع العقوبات عن السفير ووالده، ثم بات يؤرفها كابوس ظهور السفير المتنامي في الساحة السياسية، وأن كل جهودهم منذ 2011 لإقصاء الرجل عن الحياة السياسية وعن كرسي الرئاسة تتلاشى .. تتبخر . تتحول إلى رماد تذروه الرياح .. إلى سراب وأوهام وأضغاث أحلام، وها هو الرجل شاء أو أبى يجد نفسه الجوكر، ويجد نفسه الفاعل السياسي الأقرب لقلوب ووجدان مواطنيه، ويجد نفسه مضطرا أن يكون الأمل لكل اليمنيين في الخروج من هذا الكابوس المرعب الذي جثم على قلوبهم لأكثر من عقد من الزمن، وأصبح في حقيقة الأمر شاء أم أبى هو أو مناوئيه في نظر الغالبية الساحقة من اليمنيين القائد المنقذ، هذا في اعتقادي تفسيري لعدم تقبل دعوات سعادة السفير المتكررة لنبذ الخلافات الهامشية والاصطفاف الوطني الجامع وتوحيد الجهود والرؤى لاجتثاث السرطان الحوثي من أرض وتراب اليمن العظيم. تلك الدعوات التي كان آخرها حتى الآن دعوته الاستثنائية الأخيرة لملمة الصف الجمهوري، وأقول الاستثنائية لأنها لم ترتبط بأي مناسبة وطنية أو دينية، وإنما صدرت في أعقاب الأحداث الصادمة المؤسفة الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة العزيزتين والغاليتين على قلوبنا جميعا.

د. مطهر محمد الريدة، استاذ العلاقات العامة بكلية الإعلام جامعة الأزهر: "البعد الإعلامي في خطاب الأخ أحمد علي عبدالله صالح نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام "
  المشهد السياسي اليمني، لا تقل فيه اللغة أهمية عن الموقف، ولا يقل التوقيت خطورة عن مضمون الخطاب. ومن هذا المنطلق، يلفت خطاب أحمد علي عبدالله صالح الانتباه، ليس فقط بسبب ما يقوله، بل بسبب كيف ومتى ولماذا يقوله.
  فعلى مدى سنوات، ارتبط اسم أحمد علي بمرحلة عسكرية وسياسية سابقة، ثم أعقبها حضور محدود وصامت في الفضاء العام، قبل أن يعود تدريجياً بخطابات محسوبة، اتسمت في مجملها إلى التهدئة الوطنية وتغليب منطق العقل.
ففي خطابه الأخير وجه احمد علي عبد الله صالح نداءً سياسياً وطنياً موجهاً إلى أعلى هرم القيادة السياسية وإلى مختلف القوى والتنظيمات اليمنية، ويتسم بلغة تهدئة وتوحيد، في لحظة حرجة وحساسة على المستويين الأمني والاجتماعي.
  وجوهر الخطاب لا يقوم على تقديم حلول تفصيلية، بل على إعادة ضبط البوصلة الوطنية: من الصراع البيني إلى مواجهة الخطر المشترك، ومن التصعيد إلى الحوار، ومن المصالح الخاصة إلى المصلحة العامة.
خطاب قليل… لكنه محسوب
  منذ مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح أواخر عام 2017، اختار أحمد علي الابتعاد عن الظهور الإعلامي المكثف، وهو خيار منح خطاباته اللاحقة ثقلاً خاصاً. 
فغياب الضجيج جعل كل ظهور أو بيان يُقرأ باعتباره رسالة مدروسة، لا مجرد رد فعل آني.
فلو لاحظنا في خطاباته الأولى، ركّز على:
• الحفاظ على تماسك الحزب.
• استدعاء الإرث الوطني والتاريخي للمؤتمر.
• تجنب الدخول في سجالات مباشرة مع القوى الأخرى.
  فكان الهدف واضحاً: إعادة ترميم البيت الداخلي قبل خوض أي مواجهة سياسية مفتوحة.
ولكن مع تصاعد الضغوط على المؤتمر الشعبي العام في مناطق سيطرة الحوثيين، وتعرض قياداته للاعتقال والملاحقة، بدأت نبرة الخطاب تتغير. ففي أكثر من مناسبة وطنية، لا سيما في ذكرى ثورة 26 سبتمبر، انتقل أحمد علي من لغة التلميح إلى لغة التسمية المباشرة، واصفاً جماعة الحوثي بأنها امتداد لمشروع كهنوتي يتناقض مع جوهر الجمهورية.
هذا التحول لم يكن لغوياً فقط، بل سياسياً أيضاً. فقد حمل رسالة مفادها أن الصمت لم يعد مجدياً، وأن الصراع لم يعد خلافاً سياسياً، بل معركة على هوية الدولة.

خطاب الدولة لا خطاب الفصيل
 ما يميّز خطاب أحمد علي، مقارنة بكثير من الفاعلين السياسيين، أنه غالباً ما يخاطب فكرة الدولة أكثر من مخاطبته للفصائل. فهو يتحدث عن:
• وحدة اليمن.
• السيادة.
• سلامة النسيج الاجتماعي.
• السلم الأهلي.
  وهذا ما يظهر بوضوح في دعوته الأخيرة إلى مجلس القيادة الرئاسي والقوى السياسية، حيث لم يستخدم لغة الإدانة أو التخوين، بل ركّز على مخاطر التصعيد الداخلي، معتبراً أنه يعطّل المعركة الوطنية ويخدم الخصوم.
إعلامياً: خطاب تهدئة في زمن الاستقطاب
  وفي بيئة إعلامية يمنية يغلب عليها الخطاب الحاد والاستقطاب وإثارة الجماهي، يأتي هذا النوع من الرسائل كاستثناء. لغته الهادئة، ومفرداته الجامعة، تجعل منه نموذجاً لـ خطاب التهدئة الوطنية، القابل للتداول محلياً وخارجياً دون إثارة صدامات إضافية.
  كما أن تركيزه على دعم الجهود الإقليمية والدولية للسلام يبعث برسالة مهمة مفادها أن هناك أصواتاً يمنية تسعى إلى الاستقرار، لا إلى توسيع دائرة الفوضى.
  في الختام خطاب أحمد علي عبدالله صالح ، يعكس مساراً سياسياً يحاول الانتقال من رد الفعل إلى بناء الموقف. وهو مسار قد يختلف اليمنيون حوله، لكنهم لا يستطيعون تجاهل رسالته الأساسية: أن استمرار الانقسام والتصعيد الداخلي هو الخطر الأكبر على اليمن اليوم.
  وفي بلد أنهكته الحرب، قد يكون أهم ما يحتاجه اليمنيون الآن ليس خطاب الانتصار، بل خطاب العقل؛ لا بوصفه ضعفاً، بل باعتباره آخر ما تبقى من فرص النجاة.

د. فؤاد البداي، استاذ العلوم السياسية بجامعة تعز: البعد السياسي للدعوة
  الخطاب يعكس محاولة لإعادة صياغة خطاب وطني جامع، في ظل الانقسامات الداخلية، لكنه يكشف أيضاً عن إدراك عميق لتأثير التدخلات الإقليمية والدولية على مسار الأزمة اليمنية.
  لقد جاء سياق الخطاب في لحظة سياسية حساسة، حيث تتفاقم الانقسامات بين القوى اليمنية والتي تمتد إلى مجلس القيادة الرئاسي نفسه، وجاء في سياق الأحداث الأخيرة في المحافظات الشرقية (حضرموت والمهرة)، ويرى الخطاب أنها قد أبرزت التوتر بين القوى المحلية المدعومة إقليمياً، ما جعل الدعوة إلى ضبط النفس والامتناع عن خطوات أحادية محاولة لاحتواء التصعيد.
  كما آتى الخطاب في ظل استمرار سيطرة جماعة الحوثي على السلطة في صنعاء، وتزايد قوة تجذرها في مفاصل الدولة، وقد حذر الخطاب من تجاهل ذلك باعتبارها جماعة سلالية طائفية، وبالتالي فإنها تُعد الطرف الأكثر تحدياً.
  أما على مستوى الانقسامات الداخلية؛ فقد ركز الخطاب على تجاوز المشاريع الخاصة والولاءات الضيقة، وهو اعتراف ضمني بأن القوى السياسية اليمنية باتت أسيرة مصالح مناطقية وحزبية أكثر من كونها موحدة حول مشروع وطني، واستخدام مصطلحات مثل "الصف الوطني" و"النسيج الاجتماعي"، وهو ما يعكس إدراكاً لحالة التشظي التي يعاني منها المجتمع اليمني، وإدراكًا لخطورة الانقسام العمودي (شمال/جنوب) والأفقي (قبائل، أحزاب، جماعات مسلحة).
  كما دعا الخطاب إلى حوار مسؤول، ما يعكس إدراك أن المواجهة العسكرية وحدها لم تعد كافية، وأن الانقسامات تهدد بإضعاف الجبهة المناهضة للحوثيين وللمشاريع الصغيرة المتربصة بأمن واستقرار ووحدة البلاد على السواء.
  أما على المستويين الإقليمي والدولي؛ فقد أشار الخطاب إلى "دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السلام، وهو تلميح إلى الدور السعودي والإماراتي، وكذلك الأمم المتحدة، ما يوحي بوجود إدراك لأهمية الانفتاح نحو كل الأطراف الخارجية للمشاركة في إخراج اليمن في محنته، ولكن وفق المصالح العليا لليمن.
إبراهيم العشماوي، مدير تحرير صحيفة الأهرام المصرية-خبير في الشؤون اليمنية: "دعوة الأخ أحمد على عبد الله صالح بعد التطورات المؤسفة في شرق اليمن: الدلالات والفرص"
  جاءت دعوة السفير أحمد على عبد الله صالح نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام إلى رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي وكل القوى الوطنية والحزبية بمثابة صوت العقل والحكمة لوقف ومنع النزيف في الجسد اليمني المنهك أصلا والذي يعاني منذ سنوات طويلة والحد من تآكل الشرعية ومقومات الدولة اليمنية التي تتفق حولها الكيانات المحلية وتعترف بها دول الإقليم والعالم. 
  وتكتسب كلمة السفير أحمد على عبد الله صالح أهميتها من عدة إعتبارات . 
1 ــ أنها دعوة صادقة للحوار والتعقل وعدم التصعيد ولم يظهر منها أي إنحياز لأي طرف ولم يسم أيا منها بل كانت عامة وهي تخاطب الوجدان اليمني. 
2 ــ أنها دعوة موجهة إلى الجميع بلا إستثناء وشملت رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي وكذلك كل القوى السياسية والأحزاب الفاعلة على الساحة اليمنية. 
3 ــ أنها جاءت من شخصية تحظى بالإحترام والتقدير والقبول السياسي والشعبي ولا يمارس في الوقت الحاضر أية مناصب تنفيذية في إدارة الدولة اليمنية وهذا يجعل دعوته أكثر مصداقية ونزاهة وترفعا.
4 ــ أنها تنسجم مع أدبيات المؤتمر الشعبي العام الذي يشغل فيه منصب نائب الرئيس وهو حزب توافقي تأسس على الحوار ويغلب الحوار ومنطق العقل والحكمة ويعلي من شأن المصلحة العليا لليمن .
5 ــ أن الدعوة تأتي في ظروف عصيبة تمر بها اليمن وهي بأمس الحاجة إليها في ظل واقع صعب وتمزق وصراعات وأوضاع معيشية قاسية يعاني منها المواطنون في كل مكان ونزح بسببها الملايين داخل وخارج اليمن ولا تحتمل البلاد مزيدا من التشرذم والتدمير. 
6 ــ تنسجم دعوة السفير أحمد أيضا من توجهات المجتمع الدولي ودول الإقليم والتي أكدت على رفض أي تصعيد والحرص على حل الخلافات بالحوار وتغليب المصلحة العامة، والتحركات الحالية من السعودية والإمارات واللقاءات مع سفراء الدول المعنية تؤكد ذلك . 
7 ـ الدعوة تعكس رؤية إستراتيجية وبصيرة نافذة للمخاطر المحدقة باليمن وتصحح مسار أولويات المواجهة مع الإنقلاب الحوثي وإستعادة العاصمة المختطفة وحماية النظام الجمهوري بما يؤكد الحاجة إلى عدم إنحراف البوصلة إلى صراعات جانبية يستفيد منها الحوثي والجماعات الإرهابية وتؤخر وتعطل الخطط الوطنية الرامية إلى تحقيق الإستقرار والعدالة الإجتماعية وبناء الدولة وتعافيها. 
أصداء وحفاوة شعبية بالكلمة 
  برزت أهمية كلمة السفير أحمد على عبد الله صالح في التفاعل الشعبي الواسع معها على مواقع التواصل والصفحات الإخبارية اليمنية والإشادة الكثيرة بمضمونها والدعوة إلى التفاعل الايجابي مع مضامينها وأبعادها من أجل اصطفاف وطني قوي ومتماسك من أجل استعادة الدولة والعاصمة صنعاء.  
  أغلب المعلقين أكدوا أن توقيت هذه الدعوة ليس عادياً، بل يعكس إدراكاً عميقاً لحساسية اللحظة الراهنة التي تشهد فيها المحافظات الشرقية توترات ميدانية وسياسية قد تنعكس على وحدة الجبهة المناهضة للحوثيين.
  وقال المعلقون أن ظهور صوت سياسي بارز بهذا الوزن في هذا التوقيت يهدف إلى منع انزلاق الأطراف الشرعية إلى مواجهات داخلية تُعد هدية مجانية للميليشيات المدعومة من إيران.
  ونوه المحللون اليمنيون إلى أن الدعوة تحمل رسالة سياسية قوية لمجلس القيادة الرئاسي ومختلف القوى اليمنية بأن معركة استعادة الدولة لا تحتمل انقسامات أو حسابات صغيرة، خاصة مع استمرار الحوثيين في التصعيد العسكري وتحشيد المقاتلين، ومحاولتهم استغلال أي شرخ بين مكونات الصف الوطني.
  وهم يرون أن بيان أحمد علي عبدالله صالح بمضمونه ولغته يؤسس لمسار جديد أكثر تماسكا داخل الشرعية، ويعيد التذكير بأن مواجهة الحوثي تتطلب قيادة موحدة وصوتاً وطنياً واحداً، خصوصاً في ظل المتغيرات الإقليمية ووجود جهود سعودية إماراتية تهدف إلى تهدئة الأوضاع وإعادة ترتيب البيت الداخلي.
  يعكس البيان في نظر النخبة اليمنية رسالة ضمنية بأن أي صراع في المحافظات المحررة يعطل معركة التحرير، ويمنح الحوثي فرصة للتقدم سياسياً وعسكرياً، وهو ما يريد البيان التحذير منه بوضوح.

محمد عكلود، مستشار التوجه البديل: البعد الاستراتيجي لدعوة الأخ أحمد علي عبدالله صالح نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام.
     الحقيقة أن دعوة السفير أحمد علي عبدالله صالح تحمل بعداً استراتيجياً هاماً، ويبدأ ذلك البعد من التوقيت لهذه الدعوة والتي جاءت في الوقت الذي ما أحوجنا إليه لإعادة دراسة المواقف التي تتخذها الأطراف المختلفة في سياق الصف الوطني الساعي لإستعادة الدولة.
  الاستراتيجية واضحة في هذه الدعوة سعياً منها في محاولة تحديد الاتجاه المناسب للبوصلة الوطنية لتحقيق الهدف الرئيسي المتمثل في استعادة الدولة من المليشيات الانقلابية الكهنوتية في صنعاء، لا شك أن الوضع القائم في هذه المرحلة يتطلب شغل حثيث وجدي من أجل التعامل مع الوضع الذي وصلت إليه الحالة في هذه المرحلة، ولذلك لن يتم إلا من خلال بناء استراتيجية وطنية شاملة تتجاوز المصالح الشخصية، كما أكد السفير أحمد علي عبدالله صالح في دعوته وتتجاوز أيضاً الطموحات المختلفة للكيانات التي تمثل الصف الوطني الساعي لاستعادة الدولة.
  غياب الاستراتيجية الوطنية الشاملة هو ما يعرقل ويعيق من المكانية تحقيق الهدف الرئيسي المتمثل في استعادة الدولة، وأيضاً ضرورة التعامل الجاد مع الاستحقاقات القائمة بالشكل الذي يمكننا من الوصول إلى تحقيق الأهداف، واستمرار التضاربات البينية فيما بين الأطراف المختلفة قد يكون أحد العوائق الرئيسية التي تؤخر من إمكانية تحقيق النصر المطلوب.
  الدعوة كانت واضحة بأنها تقدم استراتيجية تلم شمل الجميع، ويجب إعادة توجيه البوصلة نحو تحقيق الأهداف الرئيسية، من الناحية الاستراتيجية أجد أن هذه الدعوة كانت مقتضبة، لكنها ليست فقط مجرد دعوة أخلاقية بقدر ما هي دعوة لتوحيد الاستراتيجية التي يمكن التعامل بها للوصول إلى الأهداف المرجوة.
  ولم تهمل هذه الدعوة الاشارة إلى الدول الإقليمية التي لها دور كبير في محاولة منع احادية اتخاذ القرارات ومحاولة رص الصفوف في سياق موحد من أجل استعادة الدولة.