حوار سياسي جنوبي برعاية أوروبية يناقش مستقبل الجنوب في العاصمة الأردنية
عقد المعهد الأوروبي للسلام الجولة الرابعة من الحوار بين عدد من المكونات السياسية الجنوبية اليمنية في العاصمة الأردنية عمّان، خلال الفترة من 5 إلى 7 يوليو 2025، بمشاركة ممثلين عن الائتلاف الوطني الجنوبي، حزب حركة النهضة للتغيير السلمي، المجلس الأعلى للحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب، الحراك الجنوبي المشارك (عدن)، التحالف الموحد لأبناء شبوة، مجلس شبوة الوطني العام، مجلس حضرموت الوطني – لجنة الاعتصام السلمي لأبناء المهرة، ومبادرة "جنوبيات من أجل السلام".
استعرض المشاركون في الحوار جملة من القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية التي تمر بها المحافظات الجنوبية واليمن بشكل عام، مؤكدين تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية والانفلات الأمني، لا سيما في العاصمة المؤقتة عدن. وطالب المشاركون مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والسلطات المحلية بتحمل مسؤولياتهم بصورة عاجلة، والعمل على إيجاد حلول فورية للأزمة الراهنة وتحسين أداء السلطات المحلية التي ساهم ضعفها في تفاقم الأوضاع. كما حذروا من مخاطر استمرار التدهور دون وضع معالجات جذرية وشاملة.
وأكد المشاركون رفضهم الكامل لاستخدام العنف أو القوة المسلحة كوسيلة لفرض وقائع سياسية أو تحقيق مكاسب على الأرض، وأدانوا الاعتقالات والإخفاء القسري التي طالت عدداً من الشخصيات السياسية والدينية والاجتماعية في العاصمة عدن. كما أعربوا عن رفضهم القاطع للتهديدات الأخيرة باستخدام القوة العسكرية ضد أبناء حضرموت، واعتبروها خرقاً واضحاً لقواعد العمل السياسي.
وعبّر المشاركون عن تأييدهم الكامل للاحتجاجات السلمية التي تنظمها نساء عدن وأبين ولحج للمطالبة بتحسين سبل العيش وتوفير الخدمات الأساسية، بما فيها الكهرباء والمياه والرعاية الصحية والتعليم وصرف المرتبات. كما أدانوا القمع والاعتقالات التعسفية التي طالت عدداً من النساء في عدن، ورفضوا جميع أشكال الترهيب والإيذاء الجسدي والنفسي بحقهن، مشددين على ضرورة احترام حق النساء في حرية التعبير والتظاهر السلمي، وضمان حمايتهن من أي انتهاكات أو مضايقات، وطالبوا السلطات المختصة بالاستجابة لمطالبهن المشروعة، وأعربوا عن أسفهم لغياب الاهتمام الدولي الكافي بمساندة هذه التحركات.
واتفق المشاركون من حيث المبدأ على إنشاء منصة سياسية مشتركة تضم جميع الأطراف المشاركة في الحوار، بهدف تعزيز التشاور والتنسيق فيما بينهم، على أن يُستكمل النقاش حول هذا المقترح خلال الفترة المقبلة. كما ناقش المشاركون سبل مشاركة الجنوب في العملية السياسية الوطنية، وأكدوا أهمية إيصال صوتهم إلى الرأي العام اليمني، وكذلك إلى المستويين الإقليمي والدولي، داعين المجتمع الدولي ودول الجوار إلى القيام بدور فاعل وإيجابي في دعم جهود تحقيق السلام في اليمن.
وفي إطار مخرجات الحوار، تم الاتفاق على تشكيل فريق عمل لإعداد رؤية سياسية واقتصادية وأمنية مشتركة تُناقش في أقرب وقت ممكن، بما يواكب التحديات التي تواجه المجلس الرئاسي والحكومة، ويسهم في تطوير النظام السياسي، وتحقيق المصالحة الوطنية، مع التأكيد على مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.
وشدد المشاركون على ضرورة البدء بإصلاحات اقتصادية تدريجية ومتوازنة تراعي الأوضاع الصعبة للمواطنين، مؤكدين على أهمية إيداع كافة إيرادات الدولة في البنك المركزي، ورفضهم لتعويم الدولار الجمركي لما له من تداعيات سلبية تمس مصالح المواطنين في المحافظات الجنوبية واليمن عموماً، محذرين من أن استمرار التدهور قد يؤدي إلى مزيد من التفكك، بل وربما الانهيار الكامل.
كما أكد المشاركون على أهمية توحيد التشكيلات العسكرية والأمنية تحت مؤسستي الدفاع والداخلية، وفقاً لما نص عليه اتفاق الرياض، ورفض أي تشكيلات مسلحة خارج إطار الدولة والقانون.
وفي ختام الجولة، ثمّن المشاركون اللقاء الذي جمعهم بعدد من سفراء وممثلي بعثات الدول الصديقة لدى اليمن، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، هولندا، ومكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة في اليمن، حيث جرى تبادل الآراء حول تطورات الأوضاع في اليمن عموماً، والمناطق الجنوبية على وجه الخصوص.