خطاب القاضي العامري الواقعية السياسية والتمسك بالمشروع الجامع

مجال نت

*الدكتور / عبد العزيز صالح جابر*

في الكلمة السياسية المقتضبة واللافتة التي ألقاها القاضي أكرم نصيب العامري الأمين العام لمؤتمر حضرموت الجامع، خلال الاجتماع المشترك لنواب الأمانة العامة ورؤساء مكاتب الجامع بمديريات الوادي والصحراء أمس الأحد بمدينة سيؤن، برزت ملامح واقعية سياسية حضرمية متزنة طالما عرف بها مؤتمر حضرموت الجامع وقيادته ، ويجسدها في واقع العمل السياسي القاضي العامري بحكمته واتزانه وعلاقاته السياسية مع القوى والمكونات السياسية في حضرموت خاصة والوطن عامة ، بل على المستوى الإقليمي والدولي ، هذه الواقعية تؤكد أن حضرموت تسير بثبات نحو تعزيز دورها ومكانتها محليا واقليميا ودوليا ، وفق مشروع حضرمي جامع ، يستند إلى الشرعية المجتمعية والسياسية التي يمثلها الحلف والجامع.

الرسائل التي وجهها الامين العام للجامع لم تكن مجرد حديث مناسبات أو استعراض للحروف والعزف على وتر الكلمات ، بل هي كلمات موزونة حملت في طياتها رؤية سياسية رصينة، تعكس إدراكًا عميقًا لطبيعة التحديات التي تواجه حضرموت، ومكانتها ضمن المشهد اليمني والأقليمي المتغير، فجاءت كرسالة واضحة بأن القيادة الحضرمية للحلف والجامع بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش العليي رئيس حلف قبائل حضرموت رئيس مؤتمر حضرموت الجامع  تتبنى خيار العمل المؤسسي والانفتاح السياسي دون تفريط في الثوابت ، وأن مرجعيات الحلف ومؤتمر حضرموت الجامع تمثل الإرادة الحقيقية لأبناء حضرموت ، وأن أي توجهات أو خطوات سياسية أو إدارية ينبغي أن تنطلق من هذا الإطار الجامع، وأن التمسك لا يُقصد به الانغلاق أو الإقصاء ، بل يعني الحفاظ على وحدة القرار الحضرمي وضمان تمثيله الحقيقي بعيدًا عن التبعية السياسية أو الصفقات العابرة.

كلمة القاضي أكرم العامري عبرت في مضمونها عن توازن سياسي لافت ، فقد شدد  على أهمية الانفتاح على كافة القوى والمكونات السياسية في حضرموت خاصة واليمن عامة ، ضمن شراكة تقوم على الاحترام المتبادل، والمصلحة الوطنية الحضرمية، مع التأكيد أن هذا الانفتاح لا يعني التنازل عن الثوابت الحضرمية، بل لتعزيز الشراكات في إطار رؤية واضحة ومسؤولة، تقودها حضرموت ممثلة في الحلف والجامع من موقع الندية لا التبعية ، كما هناك رسالة أخرى مركزية حملها الخطاب، وهي أن أمن حضرموت واستقرارها خط أحمر لا يقبل المساومة، فقد حذّر القاضي العامري من محاولات جر حضرموت إلى مربعات الفوضى أو النزاع، مؤكدًا أن المشروع الحضرمي ليس مشروعًا عصبويا أو جهويًا، بل مشروعا مدنيا حضاريا يسعى إلى إدارة حضرموت بأيدي أبنائها، من خلال مؤسسات شرعية ومسارات قانونية ، وهذا ما يعطي للكلمة أهمية أنها جاءت في وقت حساس سياسيًا وأمنيًا، لتؤكد قيادة الحلف والجامع أن حضرموت لن تكون ساحة لتصفية الحسابات، ولا منصة لفرض أجندات خارجية أو جهوية ، وإنما هي أرض استقرار وتنمية وسلام ، ومركز توازن وطني وإقليمي في زمن الاضطراب، ومواكبة انطلاق حضرموت قدما للامام لتحقيق مشروع حكمها الذاتي .

تُعد كلمة القاضي أكرم العامري نموذجًا للخطاب السياسي المسؤول والعقلاني ، الذي يوازن بين الحقوق الحضرمية المشروعة، وضرورة الحفاظ على السلم الأهلي، والانفتاح على القوى والمكونات السياسية بمختلف الاتجاهات للتقارب والانفتاح والعمل بمقتضيات السياسة ، إنها دعوة حضرمية واضحة للتكاتف حول المشروع الجامع، ومواصلة العمل لتحقيق الحكم الذاتي لحضرموت ،وبارادة وادارة رشيدة ، والانطلاق بحضرموت نحو البناء والتنمية المستدامة ، تحت مظلة الأمن والسيادة والشرعية المجتمعية الحضرمية.