رئيس الوزراء يترأس اجتماعًا استثنائيًا للحكومة لمناقشة أزمة الكهرباء واعتماد حلول عاجلة
ترأس رئيس مجلس الوزراء، الدكتور سالم صالح بن بريك، اليوم الأحد، في العاصمة المؤقتة عدن، اجتماعًا استثنائيًا لمجلس الوزراء، خُصص لمناقشة أزمة الكهرباء والانقطاعات الطويلة والمتكررة التي فاقمت معاناة المواطنين في عدن والمحافظات المحررة، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، ووضع الحلول العاجلة والبدائل الممكنة لمعالجة التدهور في هذا القطاع الحيوي.
وأقر الاجتماع، في ضوء النقاشات والتقارير المعروضة، حزمة من الإجراءات العاجلة، في مقدمتها توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات التوليد في عدن، ورفع المخصصات اليومية من النفط الخام والمازوت المحلي، إضافة إلى تأمين كميات كافية تضمن وجود مخزون استراتيجي يغطي احتياجات المحطات لمدة لا تقل عن شهر، تحسبًا لأي طارئ. وشدّد الاجتماع على أهمية تحمّل الوزارات والجهات المعنية مسؤولياتها في نقل الوقود وإيصاله إلى المحطات، وتعزيز الرقابة على التوزيع وضمان كفاءة الاستخدام بما يؤدي إلى تقليل ساعات الانقطاع وتخفيف معاناة المواطنين.
وفي مستهل الجلسة، أكد رئيس الوزراء أن الحكومة تُدرك تمامًا حجم الغضب الشعبي الناتج عن تردّي خدمة الكهرباء، خصوصًا في عدن، ومعاناة المواطنين مع حرارة الصيف. وقال: "أؤكد من جديد، أننا كمسؤولين على مستوى الدولة والحكومة، لا مجال اليوم للبيانات أو التبريرات، بل للحلول العملية التي يلمسها المواطن، فكل ما يعنيه هو تحسّن الكهرباء وتقليل ساعات الانقطاع".
وشدّد على أن بقاء قطاع الكهرباء في هذا الوضع يؤثر سلبًا على الموازنة العامة للدولة، حيث تُوجّه نفقات كبيرة من الموارد المحدودة للكهرباء دون تحسّن ملموس في الخدمة، ما يستوجب وقف الهدر وضمان إنفاق الأموال بطريقة صحيحة وشفافة، مع رقابة فعالة. وأضاف: "الفساد وسوء الإدارة لم يعد بالإمكان التعايش معهما، لا في الكهرباء ولا في غيرها من القطاعات، ومن يعيق الحلول أو يستنزف الموارد سيتحمل المسؤولية".
واستعرض المجلس عددًا من التقارير المقدمة من وزير الكهرباء، بحضور عدد من الفنيين والمختصين في الوزارة والمؤسسة العامة للكهرباء وكهرباء عدن، والمدير التنفيذي لشركة بترومسيلة، والمدير التنفيذي لشركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج.
وتضمنت التقارير توضيحًا تفصيليًا للوضع الحالي للمنظومة الكهربائية من حيث البنية التحتية والتحديات والتدخلات العاجلة، إضافة إلى آليات غير تقليدية للتعامل معها، والرؤى المقترحة لتحقيق الكفاءة في الإنتاج والتوزيع والتحصيل، وإيجاد بدائل اقتصادية مجدية لتوليد الكهرباء بالاعتماد على الوقود الأقل كلفة. كما تناولت وضع التوليد ومشاريع النقل والتوزيع، والمشاريع الممولة من شركاء اليمن، وآليات الاستفادة من التمويلات المتاحة لتحسين الخدمة وتلبية الطلب المتزايد.
كما تم عرض خطة "الماستر بلان" لقطاع الكهرباء، التي تم إعدادها بتمويل من البنك الدولي وعدد من المانحين، والإجراءات التنفيذية المرتبطة بها، بما يضمن التخطيط الاستراتيجي للنهوض بالقطاع. وأكد المجلس دعمه للخطة كإجراء استراتيجي لتعافي القطاع، وأهمية تنفيذ المشاريع المقترحة ضمن المرحلة الطارئة.
ووجّه مجلس الوزراء رسالة شكر وتقدير للأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على الدعم المستمر لقطاع الكهرباء، سواء عبر المنح النفطية أو المشاريع الحيوية، مؤكدًا تطلع الحكومة لاستمرار هذا الدعم بالتوازي مع الإصلاحات الداخلية لضمان الاستدامة والشفافية.
وأكد المجلس انفتاح الحكومة على الشراكة مع القطاع الخاص في مجالات توليد ونقل وتوزيع الكهرباء، والتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي لوضع اللوائح والتشريعات الضامنة لنجاح هذه الشراكة، بما يشمل نماذج التمويل والتنفيذ مثل (BOO) و(IPP)، وفتح باب المنافسة بشفافية، وإنجاز قانون الشراكة مع القطاع الخاص لتلبية الاحتياجات المتزايدة للطاقة.
كما شدّد على أهمية جذب الاستثمارات المحلية والإقليمية والدولية، وبناء شراكات مع الدول والمنظمات المانحة والقطاع الخاص لتنفيذ مشاريع استراتيجية في قطاع الكهرباء، وتحقيق إصلاحات حقيقية فيه.
وتدارس الاجتماع عددًا من المقترحات والحوافز لتشجيع استخدام الطاقة المتجددة وتوسيع الاستثمار فيها، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، منوهًا بالمشاريع المنفذة أو الجاري تنفيذها في عدن والمخا وشبوة وحضرموت ولحج وتعز والحديدة، وأهمية استكمال منظومات الطاقة الشمسية في المدارس والمراكز الصحية. كما دعا الشركاء الدوليين إلى دعم جهود الحكومة لاستغلال إمكانيات اليمن العالية في الطاقة المتجددة لتقديم حلول جذرية لمشكلة الكهرباء.
وعرض فريق من مركز الطاقة المتجددة بجامعة حضرموت رؤية استراتيجية مقترحة لدعم جهود الحكومة في حل مشكلة الكهرباء وتوفير الوقود، تتضمن تصورًا شاملًا لحلول جذرية وإمكانية التحوّل نحو حلول مستدامة عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وفي ختام الجلسة، جدد رئيس الوزراء التأكيد على أن الحكومة تعمل بكل إمكاناتها في ظروف بالغة الصعوبة، لكنها لن تتخذ من التحديات ذريعة للتقاعس، مشدّدًا على أن الأولوية القصوى الآن هي التخفيف من معاناة المواطنين وتحقيق استقرار تدريجي في خدمة الكهرباء. وقال: "لن نقف عند حدود التشخيص، بل نمضي نحو التنفيذ وفق الإمكانات المتاحة، وسنحاسب كل مقصر، فهذه مسؤوليتنا أمام الله وأمام الناس".