الصائدي والسوق البلدي.. استقالة أم إقالة؟
عبدالقوي العديني
الاستقالة قرار يتخذه الموظف بمحض إرادته، أما الإقالة فهي إجراء يُتخذ من قِبل جهة العمل، غير أن ما بين أيدينا اليوم لا يخلو من الالتباس، إذ نُسبت الحالتان -الإقالة والاستقالة- في ذات الوقت، ما يثير الشكوك حول وجود صراع خفي سبق كل منهما الآخر، وترافق مع حملة مضادة شرسة يغلفها الغموض.
لا يزال عدد من الصحفيين والكتاب اليمنيين يسلطون الضوء على ما حدث مع المدير التنفيذي السابق لشركة "السوق البلدي القطرية"، وتحديداً ما دار بينه وبين رئيس مجلس الإدارة رجل الأعمال القطري المعروف "العطية"، أحد أبرز رجال الأعمال في الخليج، والذي يُقارن تأثيره في قطر بما يمثله الأمير الوليد بن طلال في السعودية.
المثير للدهشة هو أن الشركة لم تصدر حتى الآن بياناً رسمياً يوضح ملابسات ما جرى، وهو ما كان كفيلاً بإنهاء الجدل ووضع النقاط على الحروف، أما الأصوات المؤيدة لأحد طرفي النزاع، فغالباً ما تتجاهل -وربما لا تدرك- حجم الإساءة التي تُلحقها بالمغترب اليمني، المعروف بكفاءته وأمانته أينما حل، وقدرته على الإبداع والإنجاز وإحياء الأرض في مختلف أماكن الاغتراب.
صحيح أن هناك حالات فردية تُسيء إلى سمعة الجاليات اليمنية، وهذه أعمال مدانة يجب أن يُحاسب مرتكبوها، لكن من المهم أولاً التأكد من صحة المعلومات المتداولة، وما إذا كانت مبنية على حقائق أم مجرد إشاعات وأخبار كاذبة.
في ظل هذه الفوضى، تبقى الصورة قاتمة، فالحملة ضد" الصائدي" أزعجت الكثير من اليمنيين، خاصة بعد تداول أرقام مهولة عن "اختلاسات" وصلت إلى 60 مليون دولار، وكأن الرجل كان يعمل في متجر صغير وتحول فجأة إلى ملياردير !
من هنا، فإن مسؤولية توضيح الحقيقة تقع على عاتق الشركة أولاً، وعلى الجهات المعنية بالجالية اليمنية، كوزارة الخارجية والسفارات في الخارج، أن تتحرك لتوعية المغتربين اليمنيين بحقوقهم، وتنظيم أنشطة ترفع وعيهم بالقوانين المحلية وتحميهم من الاستغلال ومن الشائعات التي تسيء إلى سمعتهم.
قضية "السوق البلدي" وما يرافقها من فانتازيا حول شخصية "الصائدي" وصعوده المفاجئ إلى واجهة الأعمال، ثم تحوله السريع إلى متهم وملاحق، تظل ملفاً معقداً بحاجة إلى كشف الحقائق، بعيداً عن الإثارة والتشهير، وبما يضمن صون سمعة الأفراد والجاليات على حد سواء.