تقارير خاصة
تقرير- رغم نقل النفط مازال خطر صافر قائماً!
أكملت الأمم المتحدة بنجاح نقل النفط من الناقلة العملاقة للخزان العائم صافر قبالة ساحل البحر الأحمر اليمني - مما منع التهديد الحالي في وقوع تسرب هائل، حيث كنت صافر معرضة لخطر الانهيار أو الانفجار لسنوات و كان من الممكن أن يؤدي التسرب الكبير من الناقلة إلى كارثة بيئية وإنسانية.
وتم ضخ الكمية من النفط من على متن الخزان العائم صافر إلى الناقلة البديلة يمن (نوتيكا سابقاً) في عملية النقل من ناقلة إلى أخرى التي بدأت في 25 يوليو من بعد الإستعدادات للعملية في الموقع التي بدأت في مايو من قبل شركة الإنقاذ البحري الرائدة سمت التابعة لشركة بوسكالز.
وقام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والذي تعاقد مع شركة سمت باستخراج أكبر قدر ممكن من الــ1.1 مليون برميل من النفط . ومع ذلك، فإن أقل من 2 في المائة من كمية النفط الأصلية تظل مختلطة مع الرواسب التي ستتم إزالتها أثناء التنظيف النهائي لـصافر.
ترحيب اممي
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: "أرحب بالأخبار التي تفيد بأن نقل النفط من على متن الخزان العائم صافر قد انتهى بأمان اليوم. لقد حالت العملية التي تقودها الأمم المتحدة دون وقوع ما كان يمكن أن يكون كارثة بيئية وإنسانية على نطاق هائل".
و قال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أكيم شتاينر: "اليوم هو لحظة فخر لكثير من الناس في جميع أنحاء منظومة الأمم المتحدة وكذلك المانحين والشركاء الذين عملوا بلا كلل على مدى الأشهر والسنوات الماضية لتجنب وقوع كارثة في بلد ضعيف بالفعل في أعقاب نزاع طويل الأمد. لا يزال هناك عمل يتعين القيام به، ولكن يمكننا اليوم أن نقول بثقة أنه تم تجنب التهديد المباشر بحدوث تسرب ".
و قال المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، ديفيد غريسلي، الذي قاد جهود الأمم المتحدة على نطاق منظومة الأمم المتحدة بشأن صافر منذ سبتمبر 2021: "اليوم يعد إنجازاً عظيمًا. اجتمع تحالف عالمي رائع تحت مظلة الأمم المتحدة لمنع أسوأ سيناريو حدوث تسرب نفطي كارثي في البحر الأحمر. نحن بحاجة إلى إنهاء العمل الذي بدأته الأمم المتحدة. الخطوة الحاسمة التالية هي تركيب العوامة كالم التي سيتم ربط السفينة البديلة بها بأمان ".
وشكرت الأمم المتحدة المانحين على دعمهم السخي وكذا مجموعة شركات هائل سعيد أنعم وشركاه والرابطة الدولية لمنتجي النفط والغاز و مؤسسة ترافيجورا وليو بالمر وشركة اكتافيا انريجي/كالفالي بتروليم وكذلك الدعم السخي من الأفراد الذين ساهموا عبر حملة التمويل الجماعي في مواقع التواصل الاجتماعي.
الخطر مازال قائما
التحذيرات من استمرار الخطر حملها تقرير جديد بعنوان «استبدال صافر بالناقلة نوتيكا المستعملة خطوة محفوفة بالمخاطر ذات عواقب وخيمة»، أعده باحثان يمنيان لصالح مركز الخراز للاستشارات البيئية ومؤسسة ماعت للتنمية وحقوق الإنسان.
التقرير حذر من تحول الناقلة الجديدة إلى مشكلة إضافية بسبب عمرها وصلاحيتها المتبقية المحدودة، إلى جانب وقوع ناقلتين في يد الانقلابيين الحوثيين، مشيرا إلى أن الحل القائم لا ينهي الأزمة البيئية، ويتسبب بمضاعفات اقتصادية.
وأثار التقرير المخاوف بشأن العواقب السلبية المحتملة والمخاطر الكارثية بحكم أن الناقلة «نوتيكا» يبلغ عمرها 15 عاماً، مع الشكوك في قدرتها على تحمل الظروف الجوية القاسية لمدة طويلة.
وأشار الباحثان اليمنيان عبد القادر الخراز وعبد الواحد العوبلي وهما معدا التقرير إلى أن معظم دول العالم تحظر السفن التي يزيد عمرها على 20 عاما من دخول موانئها لحماية البيئة والبنية التحتية للموانئ، متسائلين عن الكيفية التي تم بها إقرار شراء سفينة عمرها 15 عاما، إلى جانب تزايد الشكوك بشأن القيود المالية التي تواجهها الحكومة اليمنية والأطراف الأخرى المشاركة في الوضع.
وتساءل الباحثان حول الكيفية التي تم بها صنع القرار لتخصيص الموارد والأموال لحل الأزمة، والإجراءات التي تمت والتصريحات التي أدلى بها المسؤولون في الوكالات الأممية في اليمن، وتصريحات قيادات الانقلابيين الحوثيين.
واستعرض التقرير القيود المالية التي واجهت الحكومة اليمنية والأطراف الأخرى المشاركة في وضع سفينة صافر، حيث أثارت المخاوف بشأن الطريقة التي تم بها صنع قرار شراء الباخرة الجديدة، مشددا على ضرورة إجراء دراسة أدق لهذه القيود لفهم الآثار والعواقب المحتملة لقرار استبدال «نوتيكا» بـ«صافر».
ووفق التقرير فإن الحكومة اليمنية، وكذلك الأطراف الأخرى المعنية، عانت من موارد محدودة بسبب الصراع المستمر وعدم الاستقرار الاقتصادي في المنطقة، ما جعل من الصعب تخصيص الميزانية اللازمة للصيانة والتشغيل الآمن للسفينة «صافر» وبالرغم من ذلك تم شراء ناقلة مستعملة مثل «نوتيكا» والالتزام بتغطية تكاليف تشغيلها.
أعباء اقتصادية
الباحثان قالا إن عملية الإنقاذ لا تعالج السبب الجذري للمشكلة المتمثلة في النفط المخزن في خزانات صافر، والذي يجب التخلص منه لإنهاء المشكلة، وأنه كان يمكن استخدام الأموال المخصصة لشراء وتشغيل الناقلة البديلة لتنفيذ خطة شاملة لتفريغ النفط ونقله إلى موقع أكثر أمنا.
ويفرض الواقع الجديد - وفق خطة الإنقاذ - عبئاً مالياً كبيراً على الحكومة اليمنية والأطراف الأخرى المعنية مثل تكاليف الصيانة والموظفين والتأمين والنفقات الأخرى ذات الصلة، مما يزيد من الضغط على الموارد المحدودة المتاحة بالفعل، إلى جانب المخاطر المالية المستقبلية بسبب قدم السفينة الجديدة وعمرها المحدود، ما يفرض تكلفة صيانة والإصلاح والقيود المالية.
ويستعرض التقرير القيود الفنية لحل أزمة «صافر»، ومنها ما يتعلق بمتانة السفينة «نوتيكا» التي تعد أقل من متانة صافر التي تحملت قسوة الظروف الطبيعية طيلة السنوات الماضية، والتكيف مع الظروف المحلية، وحاجتها إلى التعديلات وتعزيز أنظمة الحماية لتحمل الظروف القاسية.
كما تساءل معدا التقرير عن سبب تسليم الباخرة البديلة للانقلابيين الحوثيين، وعن بنود الاتفاق الذي وقع على ظهر الباخرة، وعدم نشر الأمم المتحدة التي تدعي الشفافية والحوكمة التقييم التفصيلي لوضع الباخرة صافر، ومنها تفاصيل خطة الطوارئ والتجهيزات لمكافحة أي تلوث قد يحدث من عملية التفريغ، وكمية النفط الموجود على الباخرة، وإن كانت ثابتة أم حدث تغير فيها من خلال التسرب أو نقل جزء منها خلال الفترة الماضية.
الحل سياسي وليس بيئياً
يصف الباحث عبد القادر الخراز الحل القائم لأزمة الناقلة صافر بالحل السياسي الذي يُمكّن الحوثيين من قنبلة موقوتة جديدة في تجاوز وتحدٍ للحكومة الشرعية والمجتمع اليمني ودول المنطقة، حيث إن ما فعلته الأمم المتحدة يفتقد إلى الشفافية، وفق تعبيره، مثل تجنبها توضيح كثير من النقاط مثل خطة الطوارئ لمكافحة التلوث أثناء عملية نقل النفط.
ونوه الخراز إلى أن الأمم المتحدة لم تنشر أو تقدم للرأي العام أي إفادة حول الأوحال النفطية التي ستترسب في قاع صافر، وهي الأوحال التي تعد مشكلة بيئية بدورها نظراً لما تحتويه من سموم وملوثات بيئية، مشدداً على ضرورة أن تكون هناك خطة طوارئ خاصة للتعامل مع هذه الأوحال.
وأضاف الخراز، وهو أيضاً خبير لدى برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) أنه اطلع على الإجراءات التي ستنفذها الجهة التي تقوم بعملية نقل النفط من صافر إلى «نوتيكا» ولم يجد سوى أنها تعهدت برش الماء على هذه الأوحال، الأمر الذي عده استهتاراً وعدم اكتراث بما تمثله هذه الأوحال من مخاطر بيئية كبيرة بدورها.
فزاعة نوتيكا
من جانبه توقع الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي أن تتحول «نوتيكا» فزاعة يستخدمها الانقلابيون الحوثيون إلى جانب صافر لأغراض عسكرية وسياسية وتفاوضية، دون أن يتم تجنب حدوث الكارثة البيئية المحتملة، وأن يبدأ الإعلان عن هذا التحول خلال فترة لا تتجاوز العامين حسب وضع «نوتيكا» وقدرتها على الصمود.
وأعاد العوبلي التذكير بتهديدات الانقلابيين الحوثيين باستخدام صافر سلاحا في المعركة العسكرية، وابتزاز المجتمع الإقليمي والدولي من خلال التلويح بتفجير «صافر» أو تسريب النفط منها في حال حدثت محاولة لتحرير مدينة وموانئ الحديدة.
كما نبه إلى التدخل الإيراني في أزمة «صافر»، مذكِّراً أيضا باشتراطات الحوثيين خلال جولات المفاوضات لحل هذه الأزمة؛ برفع الحصار عن إيران، مقابل تقديمهم التنازلات بشأنها.