وثيقة صينية من القرون الوسطى تصف مملكة عدن

مجال/ خاص


تقع مملكة عدن على ساحل البحر (باب البحر) بنيت أسوار المدينة من الصخور والمنازل من طبقات من الحجارة ( الاحجار المرجانية) وهى على ارتفاع ثلاث أو أربع طوابق يوجد المطبخ وغرف النوم في الاعلى، وعن عاداتهم الاجتماعية فهي جيدة والجميع يعيش فى أزدهار وغنى والنساء والرجال يربطون شعورهم (يغطون شعورهم) ويرتدون قميص (جلباب) طويل وعندما تخرج المرأة تلبس على وجهها شاش أزرق لتخبى وجهها كما يلبسن على رؤسهن أغطية قطنية حتى لا يتعرضن لمعرفة أشكالهن كما أنهن يرتدين فى شحمة اذنهن بعض العملات الذهبية وأيضاً حول أعناقهن كما يربطون شيلان حول عنقهن.

والمنتجات المحلية بعدن الخرفان (للاغنام) التى يتدلى منها تسعة صور أى 9 أجزاء والذى يسمى بخراف التسع ذيول، كما يوجد ألاف الجمال والحمير التي بها خطوط سمراء (الحمر الوحشيه) وكذلك (النعام) والفهود والعملات التجارية من الذهب والفضة.

والبضائع التي يأخذونها من الصين هي الحرير الملون والخزف الابيض والأزرق وخشب الصندل والفلفل والتوابل .

يتوفر العشب في جميع أرجاء المدينة وهناك الخراف التي يتدلى منها تسع صدور من الرأس حتى الذيل كما يوجد بالمدينة جميع أنواع التعدين والحرف وهي من أملاك ملك اليمن (صنعاء) . (195)

——————————-

(195) فاهسين : المسح الشامل للنجمة الطوافة ، ص ،17، ويذكر ماهوان رحلتة إلى عدن مع فاهسين و القائد تشينغ خه فيقول، بلاد عدن:

إذا أقلعت السفينة من بلاد كولي (كاليكوت)، واتجهت إلى الغرب تصل إلى عدن بريح مولمة في غضون شهر قمري. وتقع هذه البلاد قرب البحر وتبتعد كثيراً عن الجبال وعدن غنية ومكتظة بالسكان، ويدين جميع أهلها بالإسلام، ويتكلمون اللغة العربية، ويميلون إلى الغطرسة ولديهم جيش قوي قوامه سبعة آلاف أو ثمانية آلاف رجل بين خيالة ورجالة حسني التدريب. إذن هذه البلاد منيعة جداً وتخشاها الدول المجاورة لها.
وفي العام التاسع عشر من حكم يونجل أمر هذا الإمبراطور أن يحمل "لي"، مبعوثه العظيم وكبير الخصيان وغيره مرسوماً سامياً، ويمنح ملك عدن وزعماءها كسوة وعمامة. فلما وصلوا إلى سومنتالا، انقسم الأسطول الصيني، وقصد الخصي شو عدن وبإمرته مراكب كنوز عديدة، وبلغها.

وعندما سمع ملك عدن بوصول المبعوث الصيني، خرج إلى الشاطئ يصحبهيان كبار وصغار، واستقبله، وقبل المرسوم الإمبراطوري وسُر بالهدايا الصينية، وأقام له حفلة ترحيب في قصره بكل احترام وتواضع وبعد الانتهاء من تلاوة الإرادة الإمبراطورية، أصدر ملك عدن أمراً إلى أهل بلاده يسمح فيه لمن يمتلك سلعاً ثمينة أن يبيعها أو يقايضها. وهكذا استطاع الصينيون أن يشتروا الجواهر الكبيرة المسماة "عيون القط" التي تزن الواحدة منها حوالي شيئين (115 قمحة) وجميع أنواع اليواقيت والحجارة الكريمة النادرة واللآلئ الضخمة، وكثيراً من جذوع شجر المرجان التي يبلغ طولها شيحين (24.4 انش) وملأوا خمسة صناديق بأغصان المرجان وأشياء مثل العنبر الأشهب وماء ورد وابتاعوا زرائف وأسوداً وحمر الزرد ونموراً مرقطة ونعائم وحماماً أبيض، ونقلوا جميع ذلك إلى الصين.

ويتعمم ملك اليمن بعمامة ذهبية ويرتدي ثوباً أصفر، ويتمنطق بمنطقة مرصعة بالجواهر، وعندما يحل يوم الصلاة (الجمعة) ويذهب إلى الجامع ليصلي، يبدل هندامه، ويعصب رأسه بعصابة بيضاء ناعمة أجنبية، ويضع فوقها منديلاً مطرزاً بالذهب ويرتدي ثوباً أبيض ويتجه إلى الجامع راكباً عرية وتصحبه تجريدة من الجنود ولكل من أعيان عدن عمامة وثياب خاصة حسب مكانته الاجتماعية ويختلف لباس الرجال في هذه البلاد عن لباس النساء. فالـرجال يتعممون ويرتدون سحلاً من القطن أو ثوباً من الصوف أو من الحرير القنبي المطرز الأنيق أو أمثالها من الأكسية ، ويلبسون بأرجلهم جزماً أو أحذية. 
أما النساء فيرتدين كساء طويلاً،  ويضعن صفاً من الحجارة الكريمة واللآلئ حول أعناقين وعلى أكتافهن فيشبهن آلهة الرحمة (كوان بين) بلباسهن ويعلقن بأذانهن أربعة أزواج من الدوائر الذهبية المرصعة بالحجارة الثمينة. ويلبسن خواتم في أصابع أرجلين ويغطين رؤوسهن بخمار حرير مطرز لا يظهر منه إلا وجههن. وجميعهن بصوغ حلي خالصة من الذهب والفضة من أروع وأدق المصاغات التي ليس لها مثيل في العالم. 
وعندهم أسواق وحمامات عامة ومطاعم ومخازن وأقمشة حرير وكتباً وسائر السلع. وهذه كلها متوفرة لهم. 
ويسك الملك عملة من الذهب الأحمر تسمى قولولي، وتزن القطعة منها شين واحداً (56, 55 فمحة)، وترى على ظهرها كتابة واضحة. ويسك أخرى من النحاس تسمى فلوساً من أجل دفع ثمن الصفقات الصغيرة.

ومناخ هذه البلاد حار دوما مثل مناخ الشهر القمري الثامن والتاسع، ويحدد أهل عدن الأيام والشهور، ويقسمون سنتهم إلى اثني عشر شهراً. وليس لديهم أشهر طويلة وأشهر قصيرة، ومتى رأى أولو الأمر منهم الهلال في أحد الليالي، بدأ أول الشهر من اليوم التالي. إلا أن تواريخ بدء الفصول الأربعة ليست ثابته واديهم علماء هيئة يحسبون بده الفصول، فيحددون مثلاً أحد الأيام لبدء الربيع، فتتفتح الأزهار فعلاً في ذلك اليوم. ويعينون أحد الأيام لمطلع الخريف."
منقول من كتاب: د. محمد محمود خليل: الخليج العربي والجزيرة العربية في الوثائق والحوليات الصينية فترة العصور الوسطى