هل اقترب موعد صرف مرتبات اليمنيين؟

عدن/ مجال نت

 

 

 

منذ سنوات تعجز الدوائر الحكومية في اليمن عن دفع رواتب الموظفين الذين يعجزون عن توفير أدنى متطلبات حياتهم في ظل استمرار الحرب وتبعاتها الكارثية على اليمنيين. غير أن مفاوضات تجري حاليا لحل هذه المشكلة، فهل تنجح؟

 

بعد ستة أعوام، على توقف الجهات الحكومية عن دفع راتبه الوظيفي، بات اليمني نبيل محمد (50 عاماً)، يعاني مضاعفات صحية ونفسية وهو غير قادر على دفع نفقات ترميم أسقف منزله، التي تدهور حالها هي الأخرى مع تقادم السنوات وبسب الأمطار الموسمية الفترة الماضية. وعلى الرغم من ذلك، فإن مسألة إعادة الأمل، بانتهاء محنته وعودة مرتباته، على ضوء الجهود الدولية والتصريحات المترافقة معها بشأن مفاوضات تتضمن ترتيبات اقتصادية لحل الأزمة، مسألة يجب النظر إليها بحذرٍ شديدٍ، نتيجة خيبات آمل سابقة.

حتى الربع الأخير من العام 2016، تاريخ توقف دفع مرتبات القطاع العام، كان محمد يتقاضى راتباً متوسطاً كمدير إحدى الدوائر الحكومية المحلية في صنعاء، يكفي لنفقات عائلته المؤلفة من زوجته وخمسة أبناء، يدرسون في مدرسة خاصة، لكنه وبمجرد توقف مصدر دخله، يقول لـDW عربية، إنه عجز عن سداد رسوم المدرسة واضطر لنقلهم لاحقاً إلى إحدى المدارس الحكومية، بعد ذلك باع أغلب مقتنياته ومقتنيات زوجته، إلى جانب الديون التي تحملها من معارفه، وصولاً إلى نفقات علاجه حيث يعاني من السكر. وكل ذلك أثر على نفسيته ونفسيات أطفاله، إذ يتابع "حالنا لا يعلمه إلا الله".

بالنسبة للوظيفة التي كان يشغلها، فإن "الدوام" اليومي لم يعد ممكناً بصورته التقليدية بالنسبة إليه، في ظل توقف الراتب وانعدام الحوافز، وصولاً إلى حالة الشلل التي تأثرت فيها  المصالح الحكومية لاسيما التى تعتمد على النفقات الجارية، وبات أشخاص آخرون مرتبطون بسلطة جماعة "أنصار الله" الحوثية، يديرون هذه المرافق في الغالب. ومع ذلك، فإن محمد يحرص على التوجه إلى مقر مكتب عمله من حين لآخر، ليضمن بقاء وظيفته، التي لا يعوده منها سوى نصف مرتب كل عدة أشهر، لكنه يحافظ على الأمل بعودة حقوقه الوظيفية يوماً ما.

الفئة الأكثر تضرراً

ومنذ توقف الجهات الحكومية عن دفع المرتبات في سبتمبر/ أيلول 2016، وما تبع ذلك، من انقسام اقتصادي، تحول موظفو القطاع العام، من فئة آمنة معيشياً إلى طبقة مسحوقة، صُودرت حقوقها على ذمة الحرب والاتهامات المتبادلة.

في ضوء ذلك القطاع العام، بين من اضطروا للبحث عن مصادر دخل بديلة أو غادروا البلاد، وبين من سعوا للاحتفاظ بالوظيفة، مع الاعتماد على مصادر دخل إضافية، فيما آخرون وبالذات من المتقاعدين والأسر التي كانت تعتمد على مرتبات معيلين لها توفوا، تعيش في   أوضاع معيشية مأساوية. إذ بالكاد، توفرابنة الثلاثين وفاء، ما يعين أطفالها الثلاثة بين 8 و12 عاماً، على مواصلة التعليم، من خلال ما تعود به لقاء أعمال منزلية تقوم بها لدى أقارب وجيران، إلى جانب حصول الأسرة على معونات إغاثية من حين لآخر، وكانت الأسرة تعتمد على راتب الأب المتوفي الذي كان يعمل جندياً في وزارة الداخلية، وتوفي خلال مهمة ميدانية منذ سنوات. تقول وفاء لـ"DW عربية"، إن مرتبه كان مصدر أمان احتياجات الأسرة لكن بتوقفه، الوضع من سيء إلى أسوأ.

الأكاديميون على الكفاف

هذا الوضع المعيشي المأساوي لمئات الآلاف من الأسر اليمنية، لم يستثن فئات وظيفية على درجة من الأهمية، كما هو حال الأكاديميين، الذين اضطر بعضهم إلى ترك الجامعة الحكومية، والالتحاق بمهن لا علاقة لها بمؤهلاتهم العلمية، لكن آخرين كما هو أستاذة الصحافة بكلية الإعلام بجامعة صنعاء، الدكتورة سامية الأغبري، يواصلون العمل، في  ظروف صعبة للغاية.

وتقول الأغبري لـ DW عربية إن " انقطاع الراتب ادى لتدهور حالة الاستاذ الجامعي الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، فبالنسبة لي فإن انقطاع الراتب اثر على وضعي المعيشي"، إذ "بالكاد نعيش على الكفاف، ففي حالة المرض نضطر للاستدانة أو البحث عن مساعدة من الاصدقاء". بالإضافة إلى ذلك "حياتنا اصبحت مهددة، إذ نصرف ما نحصل عليه من شغل إضافي بقلق ونظل نفكر كيف سنتمكن من العيش بعد ذلك".