انتقادات شديدة لقرار تسقيف اسعار الغاز

كتب/ د.يوسف سعيد احمد

في سياق حزمة واسعة غير مسبوقة في التاريخ من العقوبات الاقتصادية والمالية والسياسية والتجارية والاعلامية والعسكرية والفضائية والرياضية وغيرها  التي يواصل الاتحاد الاروبي اتخاذها  ومعها  برياطانيا والولايات المتحدة ضد روسيا بناء على ضغوط و توجيهات الاخيرة ؛ والتي لم تراع  ان مثل هذه العقوبات المؤدلجة  تسببت باضرار اقتصادية للاتحاد الاروبي ذاته .والتي كان آخرها قرار تسقيف الغاز الروسي بعد ان كانت قد اتخذ الشيء ذاته بتسقيف اسعار  النفط الروسي.  غير ان هذين القرارين الخاصين بتسقيف اسعار النفط والغاز الروسي التي اتخذها الغرب  تشكل ذروة العقوبات الاقتصادية واخطرها . لانها تستهدف كبح وتقليل العوائد الروسية وبالمحصلة المفترض ان تلحق اضرار بالغة بالاقتصاد الروسي خاصة وان موارد صدارات النفط والغاز ترفد الاقتصاد الروسي  بنحو ٦٠%  من عوائدة الخارجية .ومع ان الصادرات الروسية  ستجد لها اسواق في آسيا وستجبر  الاتحاد الروسي على بيع صادراته الطاقوية باسعار متدنيه خاصة مع المنافسة المحتدمة من  الدول المصدرة الاخرى  واثر القيود التي فرضتها  العقوبات  الغربية على صادراتة النفطية والغازية .
لكن قرارات تسقيف النفط والغاز تمثل في واقع الامر  تدخلا فضا   باسواق النفط والغاز التي عادتا ما تتحدد اسعارها عالميا بناء على اسعار السوق ومن واقع ظروف  العرض والطلب العالمي  لهذين السلعتين الاستراتيجيتين . كمايعد التسقيف والعقوبات الاخرى  التي شملت رجال اعمال روس بمافي ذلك تاميم اصول روسيا وتجميد اموالها  في اوروبا  انتهاكا للقانون الدولي بل والنظام الدولي الذي تديرة الولايات المتحدة والذي يقدس الملكية الخاصة ويمنع الاعتداء عليها  ويرفع عاليا من ديمقراطية الاسواق ويحضر التدخل في شئونها اخذا بقانون العرض  والطلب الذي تتوازن في ظله اسعار السوق   .
والجدير بالذكر ان اسعار الغاز العالمية ولاعتبارات  فنية واقتصادية  عادتا  ما تكون مرتبطة باسعار  النفط وتتاثر به الى حد كبير وتتم في الغالب من خلال عقود طويلة نسبيا ولاتنفصل اسعارة عن طبيعة الاستثمارات في مجال النفط والغاز المصاحب  او عن عمليات انتاج الغاز المسال  .
لكن  الشيء  الغريب ان دول اوبك المصدرة الأساسي  للنفط في العالم  لم تنتقد قرار الاتحاد الاوربي بتسقيف اسعار النفط  الروسي؛ رغم تاكيدها ضمنا في  مناسبات مختلفة :
على ضرورة  احترام اسعار السوق يحدث هذا   رغم ان روسيا ترتبط  بعلاقة وثيقه  مع منظمةاوبك المصدرة  الرئيسي للنفط في العالم . فيما بات يعرف اوبك بلس" اوبك زايد ".  وهنا يلاحظ المراقب ان دول اوبك مجتمعه او منفردة وعلى وجه الخصوص الدول الخليجية حاولت ان تنأ بنفسها بعيدا عن الصراع الروسي الغربي لاسيما ان ذلك يحدث  بعد كانت  اكبر دوله مصدرة للنفط في العالم  ممثلا بالمملكة العربية  السعودية  قد تعرضت لحملة اعلامية امريكية واسعة اتهمتها بممالات روسيا ؛عندما اتخذت منظنة اوبك برئاسة السعودية في اجتماع فينا الاخير  قرار بخفض انتاج النفط انطلاقا من قراءة  علمية لاوضاع  سوق النفط العالمي. لكن هذا القرار لم يروق للولايات المتحدة  و حدث وربما لاول مرة  على غير رغبة الولايات المتحدة التي كانت تصر على زيادة المعروض من النفط لاسباب تتصل  بالانتخابات الامريكية النصفية .
  ومع ذلك الكل يعلم في الدول المصدرة للنفط  والغاز  ان  قرار الاتحاد الاوروبي بتسقيف اسعار النفط والغاز الروسي يشكل سابقة خطيرة وتدخل فض وغير مقبول  في اسعار سوق النفط العالمي والغاز العالمي  .والخوف كل الخوف ان  يستخدم مستقبلا القرار  كمرجعية يمكن البناء عليه و استخدامة ضد اوبك  وتحديدا  الدول الخليجية المصدرة الرئيسي للنفط في العالم مع اي خلافات او  حالات  قطع وتقاطعات  مع الولايات  المتحدة وهذا محتمل جدا خاصة  مع تغول السياسات الغربية في ظل المتغيرات العالمية والاهتزازات العنيفة   التي احدثتها الحرب الروسية الاوكرانية في بنية النظام الدولي الذي تقودة الولايات المتحدة.
وبالعودة  الى عنوان المقال فآن الانتقاد الجزائري امس  لقرار الاتحاد الاوروبي بتسقيف اسعار الغاز وجه ضربه قويه وان معنويه  لقرار الاتحاد الاوروبي خاصة وانها اعتبرت القرار  تدخل غير مقبول في اسواق الغاز الدولية وتشكل سابقه. .
اهمية الانتقاد الجزائري للقرار الاوروبي بتسقيف اسعار  الغاز يتمثل في انه  سيكون له آثار وربما تداعيات خاصة وان الجزائر من الدول الكبيرة المصدر للغاز. ويراهن عليها الاتحاد الاوروبي في تعويض جزء معتبر  من الصادرات الروسية .بعد ان  سارعت دول الاتحاد الاوروبي"  ايطاليا، فرنسا، اسبانيا  ودول اوروبيه  اخرى  بعقد اتفاقيات غازية كبيرة مع الجزائر  وباشرت  بضخ  مليارات الدولارات في مجالات ستغلال الغاز الجزائري لتزويد اوروبا بالغاز ؛ خاصة وان الجزائر جغرافيا من الدول القليلة  المنتجه للغاز القريبة من اوروبا ويمكن  ايصال الغاز  الجزائري عبر الانابيب  الى اوروبا بتكلفة قليلة نسبيا مقارنة بدول غازية اخرى . لكن  انتقادات الجزائر  لقرار تسقيف الغاز  كان سيكون له اثر اكبر لو انظمت اليه قطر  باعتبارها اكبر مصدر للغاز المسال في العالم  وتعهدت بتزوير اوروبا بخمسين مليون طن سنويا من الغاز المسال تعويضا عن الغاز الروسي لكن مثل  هذا الانقاد من غير المتوقع ان يحدث لاعتبارات كثيرة منها  علاقة قطر الوثيقة بالولايات المتحدة  وتنافس قطر القوي مع روسيا في مجال صادرات الغاز .