ما الذي حققته الهدنة في اليمن؟
صنعاء (الحوثيين)، فهي مكسب إضافي ومجاني، لكثير من الأسباب، أولها أنها حاجة أميركية سعودية أوروبية لوقف أي هجمات محتملة على أرامكو والنفط السعودي".
ويضيف الحسني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الهدنة "تعطي مؤشراً واضحاً على أن التحالف فشل عسكرياً، وبالتالي بدأ يقدم تنازلات في الورقة الوحيدة المتبقية المتمثلة في الحصار، وثالثاً هو أن حلفاء التحالف في الداخل (الحكومة اليمنية) لم يتحولوا إلى ورقة عسكرية ضاغطة، بل لا يزالون غير متحدين وهو ما كشفه رشاد العليمي (رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن)".
ويتابع: "بالنسبة لصنعاء، فإنها ترى في الهدنة استراحة محارب بالفعل، وتستعد عسكرياً بصورة أكبر في التصنيع والإعداد"، معتبراً أن "العروض العسكرية (لجماعة الحوثيين) كانت رسالة واضحة، وأيضاً تفكيك الأزمة الاقتصادية من خلال وضع شروط جديدة على كل تمديد".
صاحب الهدنة كثير من الجدل والاتهامات المتبادلة بين الأطراف اليمنية. كما صاحبتها خروقات يومية، غالبيتها على شكل مناوشات واشتباكات بالأسلحة في عدد من الجبهات، أو قصف مدفعي متبادل. وسجّل خلالها سقوط ضحايا من قتلى وجرحى من الجانبين.
ولجهة البنود الإنسانية، فقد كان بند فتح الطرق في تعز الأكثر جدلاً، حيث بدأت المحادثات بشأن ذلك في 25 مايو/ أيار الماضي، في الأيام الأخيرة للهدنة قبل إعلان التمديد الأول لها، وأجريت جولتا تفاوض انتهت بإعلان مقترح أممي لفتح الطرق. لكن المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ فشل في إقناع الحوثيين، حيث أعلنوا رفضهم وتمسكوا بمقترحهم. ولا تزال الحكومة اليمنية تطالب بتنفيذ هذا البند والضغط على الحوثيين في ذلك.
أما البنود التي تخص فتح مطار صنعاء برحلتين أسبوعياً، والسماح بدخول المشتقات النفطية، فربما شكّلت أهم المكاسب لسلطات جماعة الحوثيين. وانتظمت الرحلات الأسبوعية إلى العاصمة العمانية مسقط، ما عدا الرحلات المقررة إلى القاهرة حيث نُفذّت رحلة واحدة فقط. ووفق مصادر مطلعة تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن هذا الأمر "كان يتعلق بالسلطات المصرية التي رفضت التعامل مع جوازات السفر الصادرة عن مناطق سيطرة الحوثيين، رغم تنازل الحكومة اليمنية عن ذلك".
برز ملف تسليم "رواتب الموظفين" في مناطق سيطرة الحوثيين كعائق أمام تمديد الهدنة
ويتهم الحوثيون الحكومة اليمنية والتحالف بفرض قيود على تنفيذ الرحلات، بالإضافة إلى إيقاف بعض السفن خلال فترة الهدنة، لكن الحكومة تنفي ذلك، وتقول إن الحوثيين يرفضون الإجراءات المتفق عليها منذ بداية الحرب بإشراف من الأمم المتحدة من أجل حصول تلك السفن على تصريحات الدخول. وإنهاء تلك الإجراءات كلّياً هو من ضمن مطالب الحوثيين لتمديد الهدنة بعد الستة أشهر الماضية.
في الشهرين الأخيرين، برز ملف تسليم "رواتب الموظفين" في مناطق سيطرة الحوثيين والمتوقفة منذ أغسطس/آب 2016 عقب نقل المصرف المركزي اليمني إلى العاصمة المؤقتة عدن. وسبق أن فتح هذا الملف في اتفاق استوكهولم المبرم في 13 ديسمبر/كانون الأول 2018، وتم الاتفاق على إنشاء حساب خاص بإشراف الأمم المتحدة لإيداع كافة إيرادات المشتقات النفطية، ومنها صرف الرواتب، على أن تتكفل الحكومة اليمنية بتغطية العجز.
وتتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بعدم الالتزام بالاتفاق، وتقول إنه كافٍ لتغطية نسبة كبيرة من الرواتب. في المقابل يريد الحوثيون أن تتحمل الحكومة صرف الرواتب من إيرادات النفط الذي يتم تصديره من مناطق سيطرة الشرعية اليمنية في محافظات مأرب وحضرموت وشبوة، ويتهمون شركات النفط العاملة هناك بنهب ثروات البلاد. وخلال الأيام الماضية أطلقوا تهديدات ضد تلك الشركات، وهم يشنون حملة إعلامية ضدّها في وسائل إعلامهم.
مكاسب للسعودية والإمارات من الهدنة
في مطلع العام الحالي، وقبل أن تبدأ الهدنة، تعرضت السعودية لهجمات بالطيران المسيّر استهدف منشآت تابعة لشركة أرامكو النفطية، وضربات استهدفت الإمارات أيضاً. وخلال الأشهر الماضية من الهدنة، توقفت تلك الهجمات من قبل الحوثيين كلياً. في المقابل توقف طيران التحالف أيضاً عن القصف، وكان الالتزام بهذا البند مثالياً، رغم الخروقات الداخلية في جبهات القتال بين الحوثيين والقوات الحكومية في عدد من المحافظات، والتي لم تسجل أي تقدم على الأرض.
وقال المبعوث الأممي هانس غروندبرغ خلال إحاطته لمجلس الأمن الدولي في 15 أغسطس الماضي: "لم تحدث أي عمليات أو تغييرات عسكرية كبيرة على الجبهات، ولم تحدث أي ضربات جوية مؤكّدة داخل اليمن، ولا هجمات صادرة من اليمن عبر الحدود، ونشهد انخفاضاً في أعداد الضحايا المدنيين".
من جهته، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، الإثنين الماضي، إن "المدنيين في اليمن استفادوا بشكل مباشر من الهدنة، فقد توقفت الأنشطة العسكرية الكبيرة، وانخفض عدد الضحايا المدنيين بشكل كبير، وخففت واردات الوقود عن طريق موانئ الحديدة نقص (الوقود)؛ واستمرت رحلات الطيران التجارية من مطار صنعاء إلى عمّان".
لكن جماعة الحوثيين لوّحت الأحد الماضي بإمكانية استئناف ضرب مواقع في السعودية والإمارات. وقال المتحدث العسكري باسمها يحيى سريع، عقب انتهاء الهدنة، إن "القوات المسلحة (الحوثيين) تمنح الشركات النفطية العاملة في السعودية والإمارات فرصة لترتيب وضعها والمغادرة"، بسبب ما وصفه بعدم التزام التحالف "بهدنة تمنح الشعب اليمني حقه في استغلال ثرواته النفطية".
من جهته، أعرب الاتحاد الأوروبي، مساء أول من أمس الثلاثاء، عن قلقه العميق إزاء تهديدات الحوثيين، معتبراً أنها "غير مقبولة".
أما الحكومة اليمنية، فأعربت أمس الأربعاء، عن حرصها على تجديد الهدنة. وقال وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، خلال مؤتمر صحافي في الرباط: "موقفنا واضح، فنحن مع السلام وحريصون على تجديد الهدنة، لأننا نعتقد أنها فسحة بالنسبة للشعب اليمني يجب تطويرها".