لماذا هذا التحامل على كوادرنا الطبية؟

كتب/ مازن فضل

في الوقت الذي نحتاج فيه إلى تكاتف الجهود لبناء مؤسساتنا الوطنية وتطويرها، نجد البعض منشغل بـالهوامش تاركاً "الجوهر"، محاولاً إثارة الجدل حول مواقف تعكس في حقيقتها رقي المؤسسة العسكرية ووفاء قادتها. وما حملة التحامل التي طالت الدكتور عارف الداعري، مدير الدائرة الطبية للقوات المسلحة الجنوبية، إثر استقباله الرسمي للدكتور عبدالفتاح السعيدي، دكتور العظام المعروف، ورئيس الجامعة الألمانية الدولية، إلا نموذجاً لهذا الفهم القاصر للأعراف والمراسيم.
فالدكتور عارف الداعري ابناً باراً للمؤسسة العسكرية، وهو الرجل الذي حمل على عاتقه ملفاً من أصعب الملفات، وفي أصعب مرحلة، وهو الدائرة الطبية، ومن يعرف الدكتور عارف يدرك تماماً أنه شخصية تجمع بين الانضباط العسكري والروح الإنسانية الطبية، وهو يدرك أكثر من غيره أن نجاح الدائرة الطبية لم يكن ليتحقق لولا وجود شركاء مخلصين، من خارج السلك العسكري ساندوا هذا الصرح في أحلك الظروف.
فعندما نزل الدكتور عبدالفتاح السعيدي ضيفاً على مستشفى عبود العسكري، لم يكن الاستقبال مجرد إجراء روتيني، بل كان رسالة شكر لقامة أكاديمية وعلمية لها بصمات واضحة في دعم المسيرة الطبية؛ فالدكتور السعيدي، من خلال رئاسته للجامعة الألمانية الدولية، يمثل الشريك الاستراتيجي الذي يرفد القطاع الطبي بالخبرات والكفاءات.
إن استقبال ضيف مدني "بحفاوة عسكرية" في منشأة تابعة للمؤسسة العسكرية ليس خرقاً للأنظمة كما يظن البعض، بل هو لبُّ الأعراف العسكرية التي تمنح القائد صلاحية تقدير ضيوفه وتكريمهم بما يليق بمكانتهم. فالتشريفات العسكرية ليست حكراً على حملة السلاح، بل هي وسام يُمنح لكل من خدم الوطن من موقعه، والأكاديمي والطبيب الذي يسخر علمه لخدمة جرحى ومصابي القوات المسلحة هو "جندي" في ميدان العلم لا يقل شأناً عمن في ميدان القتال.
إن الهجوم على هذا التصرف البروتوكولي الراقي يثير تساؤلاً: هل أصبح الوفاء والتقدير تهمة؟!! أم أن البعض يزعجه أن يرى المؤسسة العسكرية تنفتح على المؤسسات الأكاديمية بروح من الاحترام المتبادل؟
الدكتور عارف الداعري لم يبتدع نظاماً جديداً، بل طبق "بروتوكول الوفاء" الذي تتبعه أرقى جيوش العالم عند استقبال كبار الضيوف والداعمين.
علينا أن نشد على أيدي قادتنا الذين يقدرون أهل العلم والفضل، فالمجتمعات التي لا تحترم علماءها وأكاديمييها لا يمكنها أن تبني مستقبلاً. تحية للدكتور عارف الداعري على لفتته الكريمة التي تعكس نبل أخلاقه وعمق انتمائه، وتحية للدكتور عبدالفتاح السعيدي على جهوده العلمية، وليبقى المستشفى العسكري ومنتسبوه دائماً عنواناً للانضباط والتقدير والوفاء.