عن اضراب جامعة العلوم والتكنولوجيا عدن
بخصوص اضراب طلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا في عدن، لا بد أولاً أن ننظر إلى واقع التعليم العالي في أي بلد من بلدان العالم، فمن البديهي أن نجد تفاوتاً كبيراً في مستوى الخدمات والمرافق والبرامج الأكاديمية التي تقدمها الجامعات، وهذا التفاوت هو جزء من طبيعة أي نظام تعليمي حيوي وقائم على أساس صحي من المنافسة. فكما نجد جامعات ذات إمكانيات متواضعة تقدم خدماتها ضمن حدود مواردها المالية والبشرية، نجد في المقابل جامعات طموحة ومتميزة، تمتلك رؤية استراتيجية واضحة وخطة تطوير مستقبلية طموحة، هذه الجامعات تستثمر في بنيتها التحتية، وتجذب الكفاءات العلمية المتميزة، وتسعى للحصول على الاعتمادات الدولية، وكل هذا الاستثمار يعود في النهاية بالنفع ليس على طلابها فحسب، بل على سمعة البلاد العلمية وستجذب طلاب أجانب في المستقبل ما يعود بالنفع على اقتصاد البلاد على المدى الطويل. وحتى نكون منصفين، فإن جامعة العلوم والتكنولوجيا في اليمن، ورغم أي خلافات قد تكون موجودة مع ملاكها أو توجهاتها السياسية لكن للأمانة والانصاف قد استطاعت أن تضع نفسها في موقع الريادة، فقد شهدت تطوراً متسارعاً وملحوظاً على أصعدة عدة، من البنية التحتية إلى تنوع البرامج الأكاديمية وجودة مخرجاتها، وهي لا تخفي طموحها بأن تكون من بين الجامعات المرموقة إقليمياً وعالمياً، وهذا الطموح بحد ذاته يعتبر مكسباً وطنياً يستحق الدعم، لأنه استثمار في مستقبل الأجيال القادمة. لكن الإشكالية الحقيقية التي تواجهنا تكمن في وجود نظرة قاصرة ومتحجرة لدى البعض، تسعى إلى تسوية جميع الجامعات اليمنية وجعلها نسخاً متطابقة، ويتم اختزال معيار التنافس بينها في عامل واحد وحيد هو انخفاض الرسوم الدراسية، متجاهلين بذلك معايير الجودة الأساسية الأخرى التي لا تقل أهمية، بل هي الأساس، مثل: - جودة التعليم والبحث العلمي - الخدمات المقدمة للطلاب من مختبرات ومكتبات ومراكز بحثية - مستوى التأهيل وملاءمة الخريجين لسوق العمل المحلي والعالمي - الاعتمادات الأكاديمية الدولية هذه النظرة القاصرة لا تخدم سوى ثقافة الانحدار إلى الأدنى، وتمنع أي جامعة طموحة من التطور خوفاً من انتقاد غير موضوعي، المنافسة الحقيقية يجب أن تكون على أساس القيمة المضافة والجودة، وليس على أساس انخفاض السعر فقط، فالجودة لها ثمنها وهو استثمار في العقول والوطن.