الانهيار الاقتصادي // التحديات والحلول الممكنة.

مجال نت

كتب// نجيب عبد الرحمن السعدي

لا شك أن انهيار العملة وتردي الخدمات في المحافظات المحررة أمر ليس وليد اليوم بل هو نتاج واقع ممتد منذ سنوات كما أنه يرجع إلى عده أسباب مباشرة وابرزها إيقاف تصدير النفط وتسرب إيرادات الدولة وضعف مؤسسات الدولة.
اضافة الى اسباب جوهرية غير منظورة مثل اخضاع الوظيفة والقرارات والإجراءات  للمحاصصة والتجاذبات السياسية، ونمو مراكز قوى خارج مؤسسات الدولة اضف الى ذلك ان جميع المعالجات المتخذه تقليدية تفتقر الى الابتكار والفاعلية كما انها لا تستند الى تشخيص علمي حقيقي لواقع المشكلات والاوضاع القائمة، وهذه الاسباب وغيرها هي من ادت الى خلق العوامل المسببه للانهيار الاقتصادي وتردي الخدمات ولقد وصل التدهور الاقتصادي وتردي الخدمات حدا لا يمكن تجاهلة او السكوت عنه.

قبل اسابيع عقدت الحكومة اجتماعها الاول بعد تعيين  الاستاذ سالم صالح بن بريك رئيسا للوزراء وقد القى فخامة الرئيس كلمة في _الاجتماع_ أجزم انه أول خطاب واقعي ومسؤول القاه فخامة الرئيس منذ توليه الرئاسة حدد فيه أولويات واضحة وسرد تحت كل أولوية عددا من الاجراءات والمتطلبات والموجهات التي يجب الاسترشاد بها ومراعاتها من قبل الحكومة اثناء عملها، ثم ألقى دولة رئيس الوزراء كلمته والذي جأت مكملة لكلمة الرئيس وقد اتسمت بالمصداقية والوضوح وتحديد بعض الاجراءات والمتطلبات اللازمة لتنفيذ ما جاء في كلمة الرئيس حيث ذكر أن الحكومة ستعمل بدعم مجلس القيادة لتمارس مهامها بكامل صلاحياتها الدستورية هذا متطلب واضح وأساسي لنجاح الحكومة.
كما أنه حدد نقاط عمل رئيسية وهي تفعيل المؤسسات والأجهزة الرقابية ابتداء بمجلسي النواب والشوري وتفعيل لجنة المناقصات وهيئة مكافحة الفساد وهو بذلك قد وضع يده على طرف الخيط لإيجاد الحلول إذ أن غياب المؤسسات الرقابية هي بمثابة قتل واحباط لكل نجاح وخلق بيئة خصبه للفساد والفشل، كما انه لا قيمة لأي حديث عن محاربة الفساد واجراء الإصلاحات في ضل غياب المؤسسات الرقابية خصوصا اننا نعلم أن الفساد الذي نعيشه هو إداري أكثر منه مالي.
كما تطرق ايضاً إلى نقطة"الاستخدام الامثل للموارد" الأمر الذي يعني ضرورة الاستفادة القصوى من كل ريال يتم صرفة بحيث يصبح من الضرورة وجود إنجاز ومخرجات واضحة امام كل مبلغ تصرفه الدولة وهذا يعد تغييرا جوهريا وتطورا ايجابيا في النظرة  للانفاق الحكومي.
إن ما ورد في كلمتي رئيس مجلس القيادة ورئيس مجلس الوزراء يعد تشخيصا دقيقا للاسباب الجوهرية لهذه الازمة والحلول المطلوبة كما انهما حددا ثلاث اولويات وهذا يجعل من الممكن أن تكون اساسا لمواجهه الانهيار الاقتصادي وتردي الخدمات وعلى مسارين ،الاول أن يعمل بقدر الامكان على ايقاف التدهور الاقتصادي وتحسين الخدمات بحسب ما هو متاح، والمسار الاخر استراتيجي يعمل على ايجاد حلول جذرية للمشكلة تبدأ بالتهيئة لهذه الحلول ومن ثم تنفيذها على أرض الواقع وهذا هو المسار الاهم.
جميع من تعامل مع رئيس الوزراء يعرف انه يتمتع النزاهة والكفاءة كونه جاء من رحم مؤسسات الدولة وتدرج في الوظيفة العاملة وعمل في أوضاع تختلف بين المستقرة والمضطربة واستطاع إعادة بناء المالية من الصفر في ضل ظروف بالغه الصعوبة كما انه متخفف من احمال السياسة وصراعاتها.
لقد نجح خلال الفترة السابقة في خلق انسجام داخل مجلس الوزراء وانتظمت اجتماعاته "واقول ان هذا يعد نجاحا نظرا للانقسام الحاد والشلل الكامل الذي اصاب المجلس خلال الفترة السابقة.

إن معالجة الازمة اليوم اصبح اكبر من قدرات الحكومة الامر الذي يفرض على الجميع أحزابا وقوى سياسية واجتماعية والقطاع الخاص والمواطنين تحمل المسؤولية في ايجاد حلول كلا بما يقدر عليه وعلى الحكومة ان تعمل كضابط ايقاع تنظم هذه الجهود وتوجهها الوجهه الصحيحة.
من المهم جدا ان يتم التحرر من قيود الاجراءات القديمة والعمل على ابتكار ادوات وإجراءات تتوائم مع التطور الاداري والتكنولوجي اضف الى ذلك ضرورة الاعتماد على فريق عمل يمتلك القدرات والخبرات الكافية لابتكار الحلول.
ختاماً إن نجاح الحكومة والذي هو نجاح لكل يمني وسينعكس على ايجابياً على حياتهم  مرهون بإرادة سياسية تُقِر أن المحاصصة دمرت هياكل المؤسسات وأنه لابد من تفعيل المؤسسات الرقابية كمؤسسات معنية بالتقييم ومتابعة الاداء وتطويره قبل أن تكون مؤسسات لاصطياد الأخطاء.
ومن المهم أن تتوفر الارادة السياسية  لتحييد عمل الحكومة والنأي بها عن الصراعات والمناكفات السياسية ومنح رئيس الوزراء كامل الصلاحيات في إحداث تغييرات جذرية للاشخاص واصدار القرارات التي يراها مناسبة دون أي وصاية هو المفتاح لحل الازمة الاقتصادية والمالية مالم ستمتد الازمة وتتسع وتتعاظم وتذهب كل الجهود ادراج الرياح ويجد الجميع انفسهم في مواجهه مصير لا يمكن التبؤ به.