احتجاجات شعبية غاضبة ضد تدهور الكهرباء وأزمة الغاز بعدن
تشهد العاصمة عدن منذ أيام تصاعدًا غير مسبوق في الاحتجاجات الشعبية، تنديدًا بتدهور الخدمات الأساسية وعلى رأسها الكهرباء والغاز المنزلي، في ظل صيف ملتهب بلغت فيه درجات الحرارة أكثر من 40 درجة مئوية، وتجاوزت
ساعات انقطاع التيار الكهربائي الـ18 ساعة يوميًا، وسط غضب شعبي متنامٍ يهدد بانفجار واسع ما لم تُتخذ معالجات عاجلة وحقيقية.
وتوسعت دائرة الاحتجاجات مساء الأحد، حيث أقدم محتجون غاضبون في مديريات الشيخ عثمان والمنصورة وأجزاء من دار سعد على قطع الشوارع الرئيسية وإشعال الإطارات، للتعبير عن استيائهم الشديد من استمرار انقطاع الكهرباء، الذي حوّل منازل المواطنين إلى أفران حارقة، وأثقل كاهل المرضى والأطفال والمسنين.
ورفع المحتجون لافتات تطالب بسرعة تدخل الجهات المسؤولة، وإنهاء ما وصفوه بـ"التقاعس الحكومي المزمن" عن توفير الحلول الجذرية التي تضع حدًا لمعاناة السكان المتواصلة مع كل فصل صيف.
تحذيرات من انفجار شعبي قادم.. وصوت النساء يعلو في المعلا
في مديرية المعلا، تواصل نساء عدن تنظيم احتجاجات نسوية أسبوعية منذ عدة أسابيع، تطالب بإنقاذ المدينة من شبح الانهيار الخدمي، وسط ارتفاع حاد في أسعار المعيشة وتدهور الخدمات، خاصة الكهرباء والمياه. وحذّر متظاهرون من دخول العاصمة في موجة غضب شعبية لا يمكن احتواؤها ما لم يتم التعامل مع الأزمة كأولوية وطنية.
وقالت إحدى المشاركات في الوقفة النسوية بالمعلا: "أين تذهب حكومة تعزف على وتر التعافي؟ أبناؤنا مرضى ولا كهرباء ولا مياه ولا غاز.. عدن اليوم تختنق".
لم تقف المعاناة عند الكهرباء، بل تفاقمت مع أزمة غاز منزلي خانقة، بعدما أغلقت غالبية محطات التعبئة أبوابها بسبب عدم وصول الكميات المطلوبة من محافظة مأرب، بفعل احتجاجات قبلية وقطع طرقات من قِبل جماعات مسلحة.
ووفقًا لمصادر محلية، فإن الأزمة تفاقمت نتيجة تهريب كميات كبيرة من الغاز إلى مناطق سيطرة الحوثيين عبر طرق نائية، في وقت يعاني فيه المواطن العدني من انعدام الغاز، واضطر عدد من العائلات إلى اللجوء لاستخدام الحطب في الطهي، في مشهد يُعيد المدينة عقودًا إلى الوراء.
أشارت تقارير متداولة إلى تورط مسؤولين وقيادات نافذة في تسهيل عمليات تهريب الغاز، وتحويل مسار الشحنات إلى أسواق موازية تتحكم بها جماعة الحوثي التي تواجه بدورها عجزًا كبيرًا في تأمين الغاز المستورد عبر ميناء الحديدة، المتوقف منذ أسابيع نتيجة استهدافه وخروجه عن الخدمة، بالتزامن مع العقوبات الدولية المفروضة على شركات النقل المتعاملة مع طهران.
ويحذر مراقبون من أن هذا التواطؤ – إن ثبت – يُسهم في خنق المواطن في المناطق المحررة، ويضرب الجهود الحكومية لإعادة الثقة في المؤسسات.
في ظل هذا الوضع المأزوم، تزداد حدة التساؤلات عن غياب الحكومة والسلطة المحلية في مواجهة أزمات تمس حياة المواطنين اليومية بشكل مباشر، وسط مطالبات بإعلان حالة طوارئ خدمية وإجراء تغييرات جذرية في هيكل قطاعي الكهرباء والطاقة.
وباتت العاصمة عدن تعيش واقعًا مريرًا لا يليق بمدينة وصفت ذات يوم بعاصمة الدولة الاتحادية القادمة، بينما يقف السكان على حافة الانفجار، لا بحثًا عن رفاهية، بل عن مقومات الحياة الأساسية.