وزير المالية يشارك في افتتاح ورشة عمل الإصلاحات المؤسسية
شارك معالي وزير المالية الاستاذ سالم صالح بن بريك، اليوم الاثنين، في افتتاح ورشة العمل الوطنية حول الإصلاحات المؤسسية في اليمن: تعزيز مؤسسات الدولة من اجل مستقبل واعد، بالعاصمة المؤقتة عدن.
وتهدف الورشة التي تنظمها رئاسة الوزراء بالتنسيق مع وزارة الخدمة المدنية والتأمينات، وبدعم من برنامج الامم المتحدة الإنمائي، على مدى ثلاثة أيام، الى إنشاء منصة تعاونية لدعم الحكومة في جهودها الرامية إلى تعزيز الإدارة العامة للدولة وبناء المؤسسات من خلال تقييم الوضع الحالي للمؤسسات الحكومية، وتحديد العقبة الرئيسية أمام تجديدها، والخطوات اللازمة لإصلاحها وتعزيزها.
وفي افتتاح الورشة، القى دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك، كلمة نقل في مستهلها تحيات فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وإخوانه اعضاء مجلس القيادة، الذين يضعون قضية الاصلاح الاداري في مقدمة أولوياتهم ويقدمون كل الدعم للجهود التي تبذل في هذا المسار الحيوي.. موضحاً ان هذه اول ورشة عمل تنظمها وتحدد أهدافها الحكومة اليمنية منذ الانقلاب الحوثي المشؤوم، وذلك لتحقيق مجموعة من الأهداف بينها توجيه نشاط المانحين والمنظمات الدولية نحو القطاعات الحيوية التي ستحدث فارقاً ملموساً في اليمن.
واستدرك بالقول " وأؤكد هنا بأننا لا ننطلق من فراغ ولكننا نضع نصب اعيننا الجهود السابقة التي بذلت في هذا المضمار والتزامات الحكومة في مجال الاصلاح المالي والاداري وخاصة التزاماتها لصندوق النقد العربي".
وأكد رئيس الوزراء، ان هذه الورشة تأتي ضمن تنفيذ المسارات الخمس التي تشكل أولويات رئيسية بالنسبة للحكومة، وتطمح من خلالها الى اصلاح كثير من التشوهات و تغيير الواقع الحالي في المؤسسات وتحويلها الى مؤسسات تحقق الكفاءة في العمل والقدرة على الأداء وفقاً لمبادئ الحكم الرشيد والشفافية والمساءلة وسيادة القانون والعدالة والمساواة.
وأشار الدكتور أحمد عوض بن مبارك، الى ان الورشة تسلط الضوء على واحدة من كبريات المشاكل التي تواجه الحكومة وهي وضع صندوق التقاعد والذي يشكل مظلة اساسية للحماية الاجتماعية لشريحة واسعة في المجتمع وهي شريحة المتقاعدين الذين بذلوا جزءاً كبيراً من حياتهم في خدمة هذا الوطن، ويستحقون أن يكونوا ضمن أولويات الحكومة ومحور اهتمامها.
وقال " الا أننا نضع ذلك ضمن رؤية للإصلاح الاداري الشامل يبدأ بإصلاح منظومة التقاعد وتحويلها الى صندوق استثماري ناجح يكون له حرية استثمار أمواله في مشاريع استثمارية حيوية ناجحة وآمنة، تساهم في تنمية البلاد وبنفس الوقت تحافظ على حقوق المؤمن عليهم وتوفر لهم حماية اجتماعية وحياة كريمة".
وكشف رئيس الوزراء، أن نسبة من بلغوا أحد الاجلين وصلت في بعض المؤسسات الى 80 بالمائة، وبسبب الظروف المعيشية الصعبة وعدم القدرة على مواجهة فاتورة الراتب التقاعدي أُجبر الموظفون الذي يستحقون الاحالة للتقاعد على البقاء في مواقعهم الوظيفية.. لافتاً الى ما أوجده ذلك من مشاكل إدارية ومالية مركبة تعذر معها تجديد وتشبيب المؤسسات الحكومية مما أضعف مؤسسات الدولة وحد من كفاءتها وأدائها ، كما أنه حرم المؤسسات من الاستفادة من طاقة الشباب والذين هم أملنا في تغيير الواقع الى الأفضل، ولذلك أحد أهدافنا هو تمكين الشباب في المؤسسات الحكومية.
وأوضح، ان الهدف من إصلاح منظومة التقاعد ليس فقط لتعزيز الحماية الاجتماعية، ولكن أيضا لإطلاق عملية إصلاح شاملة في مؤسسات الدولة.
وأعلن رئيس الوزراء، عن إطلاق عملية اصلاح شاملة في مؤسسات الدولة تتضمن خمسة محاور، هي إعادة هيكلة المؤسسات، وإصلاح الأجور والمرتبات، وإصلاح سياسة التوظيف، إضافة الى بناء القدرات والاتمتة والتحول الرقمي.. مؤكدا إن هذه الإصلاحات ليست مجرد أهداف نطمح لتحقيقها، بل هي خطوات ضرورية لضمان استدامة مؤسساتنا وتحقيق تطلعات الشعب اليمني في بناء دولة قوية، متماسكة، وعادلة.
وضمن المحور الأول في إعادة هيكلة المؤسسات، أوضح الدكتور أحمد عوض بن مبارك، ان العديد من المؤسسات تعمل بهياكل تقليدية مستنسخة لا تتناسب مع طبيعة المهام المناطة بها.. موجها بإعادة هيكلة مكتب رئاسة الوزراء والأمانة العامة لمجلس الوزراء، كخطوة أولى يتم السعي من خلالها إلى تحويل رئاسة الوزراء إلى مركز للتميز يكون نموذجًا يُحتذى به في الأداء الحكومي.
وأشار الى انه سيتم ضمن إصلاح الأجور والمرتبات، تطوير نظام جديد يعزز العدالة والإنصاف ويحقق الاستقرار المالي والنفسي للموظفين، وإصلاح سياسة التوظيف بتبني نظام تنافسي وشفاف يضمن اختيار الكوادر المؤهلة والكفؤة، بما يسهم في تعزيز كفاءة الأداء المؤسسي.
وأضاف " في بناء القدرات، نطمح إلى تطوير برامج تدريب وتأهيل تسهم في رفع كفاءة الموارد البشرية وتعزيز قدراتها لمواكبة التحديات الراهنة والمستقبلية، والاستفادة من الخبرات والتجارب الدولية والتدريب على رأس العمل".
وفيما يخص محور الاتمتة والتحول الرقمي، أكد رئيس الوزراء إن التحول الرقمي ليس خيارًا، بل ضرورة لتحقيق كفاءة المؤسسات وتعزيز جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.. مؤكدا السعي لتأسيس بنية تحتية رقمية، ودمج تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتحسين صنع القرار، وكذا رقمنة الإجراءات الحكومية لتقليل البيروقراطية، وتعزيز الشفافية، وتقليص الفجوة بين المؤسسات الحكومية والمواطنين.. لافتا الى ان هذه الخطوة ستسهم في توفير الوقت والجهد، وضمان سرعة تنفيذ المعاملات بما يواكب العصر الرقمي الحديث.
وجدد الدكتور أحمد عوض بن مبارك، التزام الحكومة بإدماج المرأة في المؤسسات الإدارية، وإشراكها في القرارات، وتعزيز المساواة في فرص التوظيف والترقي، وضمان حصول المرأة على الدعم والتدريب اللازمين.
كما تعهد بتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتبني سياسات و إجراءات تهدف إلى تعزيز هذه الشراكة، بما يخدم الاقتصاد الوطني ويحقق المصالح المشتركة للدولة والمجتمع والقطاع الخاص.. مؤكد الحرص على إقامة شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص لتنفيذ المشاريع الكبرى، خصوصًا في مجالات الطاقة المتجددة، والنقل، والتعليم، والرعاية الصحية، وتشجيع تبني نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) لتمويل وتنفيذ وإدارة هذه المشاريع بما يحقق كفاءة أعلى ونتائج أفضل.
وتمنى دولة رئيس الوزراء في ختام كلمته لأعمال هذه الورشة النجاح، والخروج برؤية مشتركة لمستقبل الإدارة العامة واولويات مجالات الإصلاح الرئيسية، ومجالات الدعم الممكن تقديمها من المانحين للإصلاحات ذات الأولوية، إضافة الى المكونات الأولية لخارطة طريق الإصلاح المؤسسي.
من جانبه تطرق وزير الخدمة المدنية والتأمينات الدكتور عبدالناصر الوالي، الى تبعات الحرب ومآسيها ومعركة البناء التي يتم قيادتها، مشيرا الى جهود وزارة الخدمة المدنية في تنفيذ برنامج الإصلاح الإداري .. معرباً عن التطلع الى دعم لمواجهة المعضلات القائمة وإيجاد الحلول لها.
كما تحدثت، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي زينة علي احمد، عن أهمية الورشة ودور منظومة الأمم المتحدة في دعم جهود التعافي والبرامج الإصلاحية على كل المستويات وتنفيذ عدد من المشاريع الحيوية في اليمن وبينها الانتقال من الإغاثة الطارئة الى التنمية.. مؤكدة حاجة التنمية الى مؤسسات قوية لضمان نجاحها.
وحضر رئيس الوزراء الدكتور احمد عوض بن مبارك، جانب من جلسات الورشة في يومها الأول، والتي ركزت على تقييم الوضع الحالي وتحديد التحديات الرئيسية، وهدفت الى مراجعة السياق التاريخي للإصلاحات الإدارية في اليمن، مع التركيز على نجاحات وإخفاقات جهود الإصلاحات السابقة، وتحليل تحديات التطوير المؤسسي الحالية، إضافة الى العقبات الرئيسية و العراقيل والأسباب الجذرية للقضايا الرئيسية داخل الإدارة العامة في اليمن.
وتحدث في الجلسة محافظ تعز وزير الخدمة المدنية الاسبق نبيل شمسان، وممثلة البنك الدولي هيلين جراندوف، والقائم باعمال المدير القطري لوكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة سيارا اوكارول.
وتشمل الورشة، جلسة عمل حول تصور المستقبل ووضع خطط قابلة للتنفيذ، وذلك بهدف تحديد الحالة المستقبلية المرغوبة للإدارة العامة في اليمن، مع التركيز على الأولويات الرئيسية التي تتماشى مع أفضل ممارسات ومبادئ الإدارة العامة و وضع خطط ملموسة وقابلة للتنفيذ لكل مجال من المجالات ذات الأولوية.
كما تتضمن في يومها الثالث، مناقشة بناء الشراكات ووضع خارطة طريق مشتركة، لتحديد أولويات خطط العمل، ومناقشة تعبئة الموارد ودور شركاء التنمية الدوليين، والتعاون في تطوير خارطة طريق ديناميكية للإصلاح، تحدد المعالم الرئيسية.
حضر الافتتاح عدد من الوزراء والمسؤولين والسفراء وممثلين عن المنظمات الدولية العاملة في اليمن والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والبرنامج السعودي لتنمية واعمار اليمن، وممثلين عن المحافظات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والمرأة.