مسؤول حكومي: تفاؤلنا حذر تجاه ترامب والحوثيون ألغوا الحل السياسي
حاوره/ عبداللاه سُميح
قال وكيل وزارة الإعلام لدى الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أسامة الشرمي، إن "تعامل إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن مع الملف اليمني، أدى إلى تعقيدات كثيرة، مكّنت ميليشيا الحوثي من تعزيز قوتها العسكرية إلى مستويات صعّبت من التعامل معها".
وأشار الشرمي، في حوار خاص مع "إرم نيوز"، إلى أن الحكومة اليمنية متفائلة بشكل حذر مع قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته الجديدة، وتأمل أن يسهم تعاونها الجديد مع واشنطن في تمكين اليمنيين من استعادة دولتهم وإنهاء انقلاب الحوثيين، ومنع وصول الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية إلى الأراضي اليمنية.
وأضاف أن مستقبل عمليات البحرية ضد السفن التجارية، سيكون شائكاً بعد أن تذوقت الميليشيا ثمار الإرهاب وأفلتت من العقاب، وباتت تحقق مكاسب مادية من هجماتها، وما لم تكن هناك تحركات صارمة تجاهها، فإن العمليات العسكرية المحدودة التي تقوم بها واشنطن والضغوط الدبلوماسية والاقتصادية، لن تكون كافية لإيقاف الحوثيين، وفق تأكيده.
وفيما يلي نص الحوار:
ـ كيف تنظرون إلى الهجمات التي تشنها ميليشيا الحوثي على السفن التجارية في المياه الدولية؟ وما مدى ارتباطها بالوضع الجاري في غزة، من وجهة نظركم؟
هجمات الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن، هي هجمات إرهابية ولا يمكن حتى وضعها في خانة القرصنة، فالقراصنة يستولون على السفن لأهداف مادية، ولكن ميليشيا الحوثي تستهدف السفن لمجرد القتل والترويع والإرهاب، وبعدها ترحب بالمكاسب المادية التي أصبحت تفرضها على بعض السفن التجارية للمرور، والتي بلغت 180 مليون دولار شهرياً، كما ورد في تقرير لجنة العقوبات التابع للأمم المتحدة الصادر أخيراً.
أما عن ارتباطها بالأحداث في غزة، فإذا قلنا بأن ما يجري في غزة هو جزء من مخطط إيراني، فبالتأكيد ميليشيا الحوثي تتحرك في ذات الفلك الإيراني، وهي تنفذ ذات الأجندة، ولا تقدم أي خدمة للشعب الفلسطيني ولا لقضيته العادلة.
المسألة ببساطة أن هناك أوامر واستراتيجية إيرانية يجري تنفيذها، سواء بأيادي الحوثيين في اليمن أو "حزب الله" في لبنان أو حتى حماس التي أصبحت منذ أكتوبر 2023 تدور في ذات الفلك، للأسف
إلام يهدف الحوثيون من هذه الهجمات؟ وما هي توقعاتكم لمستقبلها، في ظل قدوم إدارة أمريكية جديدة يقودها دونالد ترامب؟
هناك أهداف إيرانية تسعى لها ميليشيا الحوثي، هذه الأهداف تتمثل في زعزعة الأمن والاستقرار، وحرب المضائق البحرية التي كانت تلوّح بها إيران، وهي جزء من عقيدة تصدير الثورة الإيرانية، وخططها للسيطرة العسكرية والأمنية على المنطقة.
وهناك أهداف أخرى خاصة بالحوثيين، ربما تحقق بعضها، وهي اكتساب مزيد من الشعبية في أوساط اليمنيين والعرب والمسلمين، على حساب القضية الفلسطينية، وأيضا هي رسالة إلى دول الإقليم والعالم بأنها تمتلك من الإمكانيات العسكرية ما تستطيع من خلاله أن تستهدف مقدراتهم الحيوية، لهذا نقول إن ميليشيا الحوثي استثمرت أحداث غزة بشكل عام.
مستقبل هذه العمليات سيكون شائكاً، خصوصاً بعد أن تذوقت المليشيا ثمار الإرهاب في البحر الأحمر، وتمكنت من الإفلات من العقاب، لهذا ستحافظ المليشيا على وتيرة العمليات كأداة لابتزاز وإرهاب اليمنيين والمنطقة، ولن تتفاوض جماعة الحوثي مع الحكومة اليمنية في المراحل القادمة إلا من خلال استخدام الصواريخ الباليستية والمسيرات والزوارق المفخخة كما تفعل الآن.
وفيما يتعلق بقدوم إدارة جديدة إلى البيت الأبيض، فإن إدارة بايدن – للأسف - عقّدت الملف اليمني بشكل كبير، وأصبح من الصعب التكهن بمستقبل العمليات التي تقوم بها ميليشيا الحوثي، وإذا لم تكن هناك تحركات صارمة لكبح جماح هذه الجماعة التي أصبحت الآن مهدداً حقيقياً للأمن والاستقرار في الإقليم والعالم، فإن العمليات المحدودة أو الخاصة التي تقوم بها واشنطن، أو الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية، لن تكون كافية لإيقاف جماعة الحوثي.
ونحن نتمنى أن تدرك الإدارة الأمريكية الجديدة هذا الأمر، وأن تتعامل بطريقة أفضل مما قامت به إدارة بايدن والإدارات السابقة التي كان على رأسها سواء أوباما أو ترامب.. ولا ننسى أن اتفاق الحديدة سيئ الصيت جاء في عهد إدارة ترامب الأولى، ولهذا فإن تفاؤلنا حذر في عهد إدارته الثانية.
ـ برأيكم، ما حجم التغييرات التي قد تطرأ على موقف واشنطن وسياساتها تجاه الملف اليمني، بعد وصول الإدارة الأمريكية الجديدة؟
إدارة بايدن تسببت في تعقيدات كثيرة كما أسلفنا، مكنت ميليشيا الحوثي من تعزيز قوتها إلى مستويات صعّبت التعامل مع هذه الميليشيا عما كان في العام 2020. ولكن بالإمكان القضاء على هذا المشروع الإرهابي الانقلابي في اليمن من خلال دعم اليمنيين ورفع الخطوط الدولية الحمراء التي أوقفت المعارك في الحديدة، وتعزيز التعاون بين المجتمع الدولي والإقليمي مع الحكومة الشرعية في استئصال جماعة الحوثي ومنع تهديدها للملاحة الدولية ولدول الجوار ولليمنيين، هذا إذا ما وجدت الإرادة الدولية.
وبحذر شديد، فإننا نأمل أن يسهم التعاون بين الإدارة الأمريكية الجديدة والحكومة الشرعية والمجتمع الإقليمي، في تمكين اليمنيين من استعادة دولتهم كاملة وإنهاء انقلاب ميليشيا الحوثي، ومنع وصول الصواريخ والمسيرات الإيرانية إلى الداخل واستخدام اليمن كمنصة لتصفية حسابات طهران مع العالم.
في ظل استمرار هجمات الحوثيين على السفن.. هل هناك إمكانية لأن تفتح الحكومة اليمنية قنوات دبلوماسية مع الأطراف الدولية، بهدف الضغط على الحوثيين لوقف تصعيدهم البحري؟ وما هي الخيارات المتاحة لحل هذه الأزمة؟
جهود الحكومة اليمنية دبلوماسياً لا تزال مستمرة وبنفس الوتيرة؛ لأنها منذ الانقلاب تعمل بأقصى إمكانياتها، وتسعى لإقناع دول العالم أجمع بأن خياراتها في التعامل مع مليشيا الحوثي محدودة جداً، ولم يبق إلا دعمها لتحرير اليمن كاملاً من سيطرة ميليشيا الحوثي، وإذا ما تحدثنا عن المصالح الدولية، فبالإمكان تأمينها من خلال تحرير الساحل الغربي لليمن من سيطرة الميليشيا التي تستخدمه لتهريب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن، سواء صواريخ ومسيرات، وتحرير الساحل الغربي الذي يستخدم لاستهداف الملاحة الدولية، سيوقف الهجمات على طرق الملاحة.
وهنا تتقاطع مصالح اليمنيين والعالم، فتحرير الساحل الغربي سيخدم الحكومة الشرعية بشكل مباشر، لأنه سيحدّ من قدرات وإمكانيات ميليشيا الحوثي وحتى تواجد الخبراء الإيرانيين واللبنانيين في الأراضي اليمنية، وبالتالي سيسهم في تحجيم مليشيا الحوثي وإظهار حجمها الحقيقي، ما سيقدم خدمة جليلة لليمنيين في معركة التحرير.
ـ ما هي التعقيدات التي يضيفها تصعيد الحوثيين في البحار على العملية السياسية المحلية؟ وما مستقبل هذه العملية في حال استمرار التصعيد الحوثي؟
في الحقيقة عمليات الحوثي في البحر الأحمر لم تعقّد الحل السياسي في اليمن فحسب، بل ألغته نهائياً، لم يعد هناك أفق للحل السياسي في اليمن، ولم يعد بإمكان الوسيط الإقليمي إقناع المجتمع الدولي بإمكانية دمج الحوثيين في العملية السياسية اليمنية أو أن بإمكانهم أن يساهموا في استقرار اليمن والمنطقة.
كما أن ميليشيا الحوثي نفسها لا تستطيع التراجع خطوة إلى الوراء كي تجلس إلى طاولة المفاوضات، فذلك سيغضب الممول الإيراني الذي يريد لليمن أن يكون مجرد منصة إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة، ومن ثمة نُحرت خارطة الطريق حتى قبل أن تولد.
ـ ما الدور الذي يمكن للمجتمع الدولي أن يلعبه للحد من تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر، وإعادة الأطراف المحلية إلى طاولة التفاوض؟
لا توجد طريقة للضغط على الحوثيين، لا من المجتمع الدولي ولا المجتمع الإقليمي، إلا من خلال الشعب اليمني، سواء من يواجهون الحوثي عسكرياً، أو من يناوئونه من داخل مناطق سيطرته، بابتداع وسائل ضغط سلمية أو سياسية، وفي كل الأحوال يبدأ الحل من تحرير ساحل اليمن الغربي كاملاً، علّ ذلك أن يوفر ظروفاً أفضل لجلوس اليمنيين إلى طاولة المشاورات، بعيداً عن الخطط والتأثيرات الإيرانية.