هل ترفع أميركا الراية البيضاء في حربها ضد هواوي؟
اقترب الصراع التكنولوجي الدائر بين أميركا والصين، من الدخول إلى مرحلة جديدة، سيكون عنوانها "أيفون مقابل هواوي"، حيث أدت الأحداث الكبيرة والمتسارعة التي شهدتها الساحة التقنية في الصين خلال الأسبوعين الماضيين، إلى تحفيز الرهانات على أن هناك تصعيداً مقلقاً يلوح في الأفق.
وتزايدت الإثارة في عالم الهواتف الذكية خلال الأيام الماضية، بعدما أثبتت شركة هواوي ومن خلال هاتفها الجديد Mate 60 Pro، الذي يحتوي على معالج صيني متطور، عدم فعالية الحملة التي قادتها الولايات المتحدة لمنع الصين من الوصول إلى التكنولوجيا المتطورة.
حظر أيفون عن 50 مليون موظف
وفي مفارقة لا يمكن فصلها عن الهاتف الجديد لهواوي، عمدت السلطات الصينية وتزامناً مع إطلاق Mate 60 Pro، إلى إصدار قرار، منعت بموجبه جميع موظفي الدولة الذين يفوق عددهم الخمسين مليون شخص، من استخدام هواتف أيفون أو جلبها إلى مكان العمل، وذلك بسبب المخاطر الأمنية الهائلة لنظام IOS الخاص بأبل، في خطوة ستكون "قاسية جداً" من حيث التوقيت لمبيعات سلسلة هواتف أيفون 15 الجديدة، وداعمة بشكل كبير لهاتف هواوي الجديد.
وتحظى هواتف أيفون بشعبية واسعة في الصين، التي تعد ثاني أكبر سوق منفرد لشركة أبل، من حيث المبيعات خارج الولايات المتحدة، ولكن رغم استياء بكين من الخطوات الأميركية ضد شركات التكنولوجيا الصينية، فإن صانعة الأيفون تمكنت خلال عام 2022 من بيع أكثر من 51 مليون هاتف أيفون جديد في الصين، بحصة سوقية وصلت إلى 18 بالمئة بحسب شركة كاناليس لأبحاث السوق، ولتكون بذلك أبل ضمن أكثر 5 شركات مبيعاً للهواتف الذكية في البلاد.
نهاية 2023 لن تكون كما تمنتها أبل
وفيما كانت أبل تتجه لتعزيز تقدم أيفون في الصين خلال عام 2023 مع بيعها لأكثر من 23.3 مليون هاتف في النصف الأول من العام، أصبح من الواضح الآن أن نهاية العام الحالي، لن تكون كما تمنتها أبل، فالقرار الصيني بمنع الموظفين الحكوميين من استخدام أيفون، ستكون له تداعياته الدراماتيكية على مبيعات الشركة الأميركية، خاصة أنه أتى في لحظة بات فيه البديل القوي من هواوي، جاهزاً للمنافسة مع توقعات الخبراء أنه سيقضم ما نسبته 38 بالمئة من مبيعات أيفون في الصين، ما يتيح لهواوي استعادة مركزها المتقدم في بلدها الأم.
هواوي الجديد يقلب المقاييس
ومنذ عام 2019، يعاني قسم الهواتف في شركة هواوي من التداعيات المرهقة للقيود والعقوبات الأميركية، فوضع الشركة على القائمة السوداء الأميركية، وحرمانها من التعامل مع غوغل والشركات الأميركية المصنعة للمعالجات المتطورة، دفعاها لتقليص حجم إنتاجها من الهواتف الذكية الرائدة، التي تدعم تقنيات الجيل الخامس، وهذا ما أدى إلى خروجها من قائمة الشركات الأكثر مبيعاً للهواتف في العالم، وفي السوق المحلي أيضاً.
فقد أظهرت أرقام مبيعات الهواتف لعام 2022 في الصين، غياب هواوي كلياً عن قائمة أكثر الشركات مبيعاً للهواتف الذكية في البلاد، حيث لم تتمكن الشركة من احتلال أي مرتبة ضمن المراتب الخمس الأولى، ولكن يبدو أن هذا الوضع سيكون قابلاً للتبدل خلال 2023 مع إعلان الشركة الصينية عن هاتف Mate60 Pro المثير للجدل، والذي شكل مفاجأة لناحية امتلاكه معالج "كيرين 9000 إس" المصنع بدقة 7 نانوميتر ويدعم تقنية الجيل الخامس.
واجتذب هاتف Mate60 Pro اهتماماً دولياً كبيراً منذ لحظة الإعلان عنه، حيث أظهرت عملية تفكيكه من قبل شركة TechInsights أن الصين خطت خطوة كبيرة، في مسار تحسين صناعة الرقائق وأشباه الموصلات في البلاد، ما اعتبر دليلاً قاطعاً على فشل الجهود الأميركية، لتقييد وصول الصين وخاصة هواوي إلى التكنولوجيات المتقدمة.
ومن خلال الضوابط التي تم فرضها على الصين خلال السنوات القليلة الماضية، حاولت الإدارة الأميركية منع الشركات الصينية، من تحقيق القدرة الذاتية على تصنيع وإنتاج رقائق إلكترونية، بتقنية 14 نانوميتر وما دون، حيث كانت ترى أن هذا الإجراء يضمن بقاء بكين، متخلفة بنحو ثماني سنوات عن التكنولوجيا الأميركية الأكثر تقدماً، والتي تعتمد على تقنية 3 نانوميتر في إنتاج المعالجات، لتأتي المفاجأة من جانب هواوي مع معالج Kirin 9000s المُصنّع في الصين بدقة 7 نانوميتر والذي قلّص نسبة تأخر البلاد عن التكنولوجيا الأميركية الأكثر تقدماً إلى خمس سنوات، وليعطي إشارة إلى أن بكين باتت على المسار الصحيح، لتحقيق التقدم المطلوب في هذا المجال خلال السنوات المقبلة.


