تقارير خاصة
صحيفة عمان: الحرب اليمنية تلفظ أنفاسها الأخيرة
قالت صحيفة عمان في افتتاحيتها اليوم: أن الأطراف التي خاضت هذه الحرب، التي تلفظ أنفاسها الأخيرة، كما هو مأمول، أصبحت جميعها على قناعة تامة وراسخة إلى حد كبير بضرورة إنهاء نزيف الحرب، وإفساح المجال للسير على طريق بناء السلام واستعادة الاستقرار لأبناء الشعب اليمني الشقيق، وعلى أسس ترتضيها مختلف القوى اليمنية وبتوافق يضمها جميعها وبما يحفظ لليمن الشقيق وحدته أرضا وشعبا وسيادته كذلك. واكدت الصحيفة أن القناعة والرغبة في إنهاء الحرب تستند الآن – أكثر من أي وقت مضى – إلى إرادة سياسية قوية وإلى القدرة على العمل والتنفيذ على الأرض من جانب كل الأطراف المعنية يمنيا وإقليميا ودوليا، وإلى حد يقلل كما هو مأمول من العراقيل والصعوبات التي طالما عطلت السير على طريق السلام خلال السنوات الماضية. وفي هذا الإطار يمكن الإشارة باختصار شديد إلى ما يلي: أولا، أنه إذا كانت السنوات الماضية قد شهدت العديد من التحركات وجهود الوساطة لوقف الحرب في اليمن، إلا أنها لم تحقق أهدافها ليس فقط لأن طموحات وآمال النصر والحسم العسكري كانت لا تزال كبيرة لدى مختلف الأطراف المعنية، التي كانت لديها القدرة على تحمل النفقات الباهظة للحرب والتبعات السياسية لها، ولكن أيضا لأن البيئة المحلية والإقليمية والدولية في السنوات الخمس التي أعقبت اندلاع الحرب كانت تغذي الميل إلى الاستمرار في الحرب للاستفادة منها بشكل أو بآخر، غير أن إلغاء الرئيس الأمريكي السابق ترامب للاتفاق النووي مع إيران عام 2018 وازدياد مظاهر الحرب بالوكالة في اليمن، وتغير الحسابات السياسية لبعض الأطراف المشاركة في الحرب بدرجة أو بأخرى، وانسحاب بعضها بشكل كلي أو جزئي، وازدياد عبء الإنفاق العسكري والمدني، واتساع نطاق العمليات إلى ما وراء حدود بعض الأطراف، واستهداف بعض المواقع الحيوية والاستراتيجية فيها، تزامن في الواقع مع زيادة إدراك حقيقة أن استمرار القتال لن يحقق الأهداف المنشودة التي تم الإعلان عنها في بداية القتال، من ناحية، كما تزامن ذلك أيضا مع اتجاه واضح من جانب الأطراف الإقليمية المعنية والمشاركة في الحرب بشكل مباشر أو غير مباشر لإعادة صياغة سياستها الإقليمية في ضوء مجموعة التغيرات التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة، والتي كان من أهم ملامحها ازدياد الدور الخليجي في السياسات الإقليمية من ناحية ثانية. وبدون الدخول في تفاصيل عديدة، فإنه يمكن القول إن ازدياد الدور الخليجي وتبني سياسات تميل إلى بناء علاقات جديدة أكثر ميلا للاستقرار ولحل المشكلات القائمة بالطرق السلمية وإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة، خليجيا وإقليميا، وهو ما يتم ترجمته بشكل واضح على الأرض على أكثر من مستوى، وفي المقدمة منه الأزمة اليمنية يأتي أيضا في إطار التقارب السعودي الإيراني الذي يطرح نتائجه الإيجابية والملموسة على أكثر من مستوى. على أنه ينبغي الإشارة إلى حقيقة أنه صاحب ذلك كله إدراك ويقين من جانب مختلف الأطراف المعنية بالأزمة اليمنية لشفافية وإخلاص وقدرة الدبلوماسية العمانية على القيام بدور نشط وإيجابي وفعال أيضا لتعزيز جهود حل الأزمة والتهيئة للسير بخطوات عملية على طريق السلام وإعادة بناء الثقة بين أطراف الأزمة، وهو ما عبر عن نفسه في اتساع وعمق واستمرارية الجهود والمساعي العمانية الحميدة التي ثمنتها مختلف الأطراف المحلية اليمنية والإقليمية المعنية بالأزمة وكذلك المبعوث الأممي إلى اليمن هانز جروندبيرج.
ثانيا: إنه في ظل زيادة الثقل الإقليمي في خطوات حل الأزمة اليمنية، والتي تمثلت في نجاح عملية تبادل الأسرى بين جماعة أنصار الله الحوثية وبين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا خلال أيام الجمعة والسبت والأحد الماضية (14 -16 إبريل الجاري) وهو ما يدعو إلى التفاؤل، خاصة إذا تم التوصل إلى اتفاق لتحويل الهدنة المؤقتة التي استمرت ستة أشهر بدأت في الثاني من أكتوبر الماضي، إلى هدنة دائمة وهو ما تدور حوله الاتصالات الجارية الآن بناء على مبادرة السلطنة، مما سيفتح المجال أمام خطوات عملية وجادة لترجمة ما تضمنته الوثيقة التي بلورتها السعودية ووافقت عليها الحكومة اليمنية .