أخبار
تحليل: لماذا رفع البنك المركزي قيمة المزاد الاسبوعي؟
اعلن البنك المركزي اليمني عدن انه بدءًا من هذا هذا الاسبوع الموافق الثلاثاء 27 ديسمبر سيصبح قيمة المزاد الذي ينظمه البنك المركزي منذ اواخر 2021 وعبر المنصة الالكترونية الدولية خمسون مليون دولار بدلا عن الثلاثين المليون دولار الذي كان يحددها كسقف اعلى للمزاد الاسبوعي .
قرار البنك المركزي جاء في ظل العديد من المتغيرات السلبية الطارئة والتحديات الاقتصادية الجديدة. وبالتالي تسيدت في السوق حالة من عدم اليقين في اوساط رجال الاعمال والمستوردين وكافة المتعاملين في سوق الصرف. لاسيما بعد الهجمات على ميناء الضبة النفطي في محافظة حضرموت وتوقف صادرات النفط الرافد الاساسي للاقتصاد الوطني. حيث صعد سعر صرف الدولار الامريكي في سوق الصرف الاجنبي في الاسبوعين الاخيرين من شهر ديسمبر بنحو 10% مع توقع ان يستمر الدولار في التصاعد وخارج هدف ورغبة البنك المركزي والذي ادار بنجاح ولفترة طويلة نسبيا سعر الصرف فوق مستوى الالف الريال للدولار الواحد وتحديدا عند مستوى يتراوح بين 1030 و 1060 ريال لكل دولار وهو ماخلق حالة من الاستقرار النسبي في سعر الصرف، حيث بات الكثير من المتعاملين وان في حدود معينة يستطيعون التنبؤ بالمستقبل واتخاذ قراراتهم في الشراء والبيع وفي عملية الانتاج والاستيراد .لكن التطورات السلبية الاخيرة المتمثلة في توقف تصدير النفط وضع البلد بجد امام وضع اقتصادي صعب يصل الى حد الكارثة خاصة مع ما تلعبه موارد صادرات النفط في رفد الموازنة العامة للدولة بالموارد بنسبة تزيد 65% عدا عن تدعيم احتياطيات البنك المركزي بالعملات الاجنبية .في هذه الظروف غير المواتية كان من المحتمل لو استمر هذا التحرك السلبي للدولار ان يؤدي الى خلق صعوبات جديدة في مستوى معيشة المواطنين وهو الامر الذي سيفاقم من مستويات التضخم و سينعكس سلبا على المستوى المعيشي للمواطنين وبالتالي سيترتب عليه زيادة مستوى المجاعة وتعمق مستويات الفقر.
ولذلك قرار البنك المركزي برفع قيمة المزاد الاسبوعي الى خمسين مليون دولار يهدف الى السيطرة على وضع الصرف الاجنبي ونتمنى ان يتحقق هذا الاثر لان القرار سيؤدي عمليا الى تقليل الطلب على الدولار وهذه المرة بشكل حاسم بدافع الاستيراد وبالتالي وقف التطورات السلبية المرتبطة به كما تدخل البنك المركزي وبهذه القيمة المرتفعة الموجه لتلبية جاجة الاستيراد يستطيع ان يلغي اثر العجز في ميزان المعاملات الخارجية وان مؤقتا الناتج عن توقف صادرات النفطة. الاهم ان تتوفر له الاموال الكافية والمستدامة لكن هذا الاموال المستدامة لن تتوفر للبنك المركزي إلا مع استناف صادرات النفط وهذه حقيقه لاغبار عنها ، لكن في نفس الوقت المركزي من جانبه يريد التاكيد انه لايزال يمتلك الاليات و الموارد اللازمة من العملات الاجنبية للتدخل في سوق الصرف الاجنبي وتلبية حاجة الاستيراد وان على المدى القصير ؛ ومن ناحية اخرى البنك المركزي و عند هذا المبلغ الكبير سيتمكن من سحب جزء اكبر من فائض السيولة من الريال من السوق الى البنك كاثر غير مباشر لاجراء البنك المركزي وهذا شيء مهم ايضا لانه سينعكس ايجابيا على استقرار سعر الصرف لكن ومع تدني قيمة العطاءات خاصة خلال الاسابيع الاخير حيث لم تزد قيمة العطاءات عن 60% من قيمة المزاد البالغ ثلاثون مليون دولار لذلك مع رفع البنك المركزي قيمة العطاء الى خمسين مليون دولار فمؤكد انه يتطلب هذا الاجراء من البنك المركزي ان يزيل المعوقات التي ثبطت مستوى الاكتتاب في المزاد الرسمي ومن بينها ضرورة تسريع تحويلات الاموال الى البنوك المراسلة مع ملاحظة ان من بين اسباب تدني حجم المشاركة في العطاءات يعود ايضا الى الضغوط القوية التي تمارسها جهات سياسية لمنع البنوك والتجار من المشاركة في المزاد الذي ينظمه البنك المركزي لذلك يلجأ التجار الى طلب الدولار من السوق واجراء التحويلات عبر شركات الصرافة ووجود مثبطات يجعل شركات الصرافة اكثر جاذبية وهذا يقلل من اثر زيادة قيمة المزاد مع التاكيد ان البنك المركزي ضاعف تقريبا قيمة المزاد استباقا لقدوم شهر رمضان الكريم حيث من المتوقع ان يرتفع حجم الاستيراد ..
الجدير بالذكر ان الاخبار المتشائمة المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي فيما يتصل بالوديعة السعودية التي كان قد اعلن عنها رسميا بالترافق مع التصريحات التي تحذر من صعوبة الاوضاع الاقتصادية وغيرها من الاحداث؛ كانت قد لعبت دورا كبيرا في التاثير السلبي مؤخرا على اسعار الصرف؛ مع تعمق حالة من عدم التيقن في السوق ولهذا قرار البنك المركزي برفع قيمة المزاد جاء في الوقت المناسب وتاكيدا من جانبة وان بشكل غير مباشر على ان هناك تطورات ايجابية قادمة خاصة فيما يتصل بالوديعة السعودية الموجهه لتدعيم احتياطيات البنك المركزي الخارجية تمكنه من بيع الدولار وفقا للرقم الجديد . يحدث هذا مع عودة وزير المالية ومحافظ البنك المركزي من رحلة طويله الى الرياض كان موضوع زيارتهم الرسمية التي طالت كثيرا الوديعة. لكن الاهم ان العمل جار مع الاشقاء على هذا الملف الشائك. شخصيا ومن قرائتي انا على يقين انه في العام الميلادي الجديد 2023 سنسمع عن تسهيلات اقتصادية واخبار طيبة و على اكثر من صعيد وحلول للكثير من القضايا ذات الصله بمافيها مايرتبط بعمل وآليات مجلس الرئاسة وحكومة الشرعية .ولدي ثقه في نفس الوقت ان المجتمع الدولي ومعه الاشقاء والأصدقاء لن يتركوا اليمن يكابد بمفرده و يواجه خيار الجوع والفاقة وغياب الاستقرار السياسي و الاقتصادي .