تقارير خاصة

المـزاح الثقيل ابتسامات وقتية وأحزان دائمة

باتت زيادة أعداد المتابعين لحسابات مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي، هدفاً بحد ذاته تتلاشى معه كيفية ونوعية ما يتم طرحه، وصولاً إلى مدى تشكيله لخطورة ما، سواء على المشاركين في هذا المحتوى، وصولاً لأفراد المجتمع، الذين يصبحون عرضة لمحتوى سلبي يؤذيهم نفسياً، أو حتى من الممكن أن يقلدوه، فيما على جانب آخر تأتي المواقف الخطرة للمزاح بين الأصدقاء والمعارف، التي قد ينتج عنها إصابات أو قد تصل لحد الموت، كظاهرة يجب التوقف عندها والتحذير منها، ولذلك يقف القانون حائلاً وحائط صد لمنع مثل هذه التصرفات من خلال التوعية بمخاطر ذلك على الأشخاص، الذين قد يجدون أنفسهم بين لحظة وضحاها تحت طائلة القانون بسبب تنفيذ مثل هذه المواقف، حيث ينص قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي، على عقوبة الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين، لكل من يرتكب عمداً فعلاً من شأنه تعريض حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم أو حرياتهم للخطر.

حالات كارثية

وباستعراض بعض من هذه المواقف نجد مثلاً تلك الزوجة التي أرادت عمل عيد ميلاد غريب من نوعه لزوجها، فملأت حمام السباحة في المنزل بالمياه ووضعت مادة تنتج دخاناً كثيفاً، واتفقت مع أصدقائه على مفاجأته، وبالفعل بدأ الجميع الاحتفال وقفز الزوج وأصدقاؤه إلى المياه، فيما الزوجة توثق اللحظة عبر هاتفها، بهدف تحقيق نسب مشاهدة عالية عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وما هي إلا دقائق واختفى الزوج وأصدقاؤه في الدخان الكثيف في المسبح، وظنت الزوجة أنهم يستمتعون بالتجربة، إلا أن الوقت طال ولم تتمكن من سماع صوتهم وبعد مرور 15 دقيقة بدأ القلق ينتابها واتصلت على الشرطة التي حضرت على الفور لتكتشف وفاة الزوج و3 من أصدقاء العائلة اختناقاً في المسبح، وهو الأمر الذي تسبب في انهيار الزوجة.

من جهته، كشف المقدم علي عبد الله القصيب النقبي رئيس قسم الإنقاذ البحري بمركز شرطة الموانئ في شرطة دبي لـ«البيان» أن هناك حالات غرق تحدث نتيجة المزاح الثقيل بين الأصدقاء في البحر والذي قد يؤدي إلى الإصابة أو الوفاة، مشدداً على خطورة هذا الأمر خاصة لمستخدمي الدراجات المائية لوجودهم في عرض البحر وصعوبة إنقاذهم في الوقت المناسب، لافتاً إلى أنه تم رصد حالات مزاح كادت تنتهي بكارثة بين مجموعة من الشباب حيث كانوا يستعرضون بالدراجات المائية واصطدم أحدهم بالآخر عن طريق الخطأ نتيجة المزاح بينهم مما أصاب الآخر بضربة في الرأس وأوشك على الغرق وتم إنقاذه، منوهاً إلى أن البعض لا يدرك عواقب المزاح الثقيل، كذلك يمكن أن يتظاهر شخص بالغرق أكثر من مرة إلى أن تأتي مرة يكون فيها الغرق حقيقياً ولا يتم إنقاذه.

وأشار المقدم النقبي إلى أن الأمر لا يتوقف على المزاح في البحر، بل يمكن أن يحدث ذلك في حمامات السباحة، لافتاً إلى أن هناك تحديات معينة يقوم بها الشباب والأطفال دون وعي مثل أطول فترة كتم الأنفاس تحت الماء أو الاختباء بطريقة معينة أو سحب الآخر إلى أسفل المياه بغرض المزاح فقط، والتي قد تنتهي بكارثة إذا لم يكن التدخل سريعاً، داعياً إلى ضرورة إدراك عواقب هذا الأمر.

مواقف خطيرة

ومن جانبها، أكدت المحامية نادية عبد الرزاق، أنه في السنوات الأخيرة ظهرت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة والقنوات الفضائية برامج الكاميرا الخفية والمقالب التي يتم فيها التعامل مع الضحايا، سواء أفراد عاديين أو شخصيات مشهورة أو في الحياة العادية بين الأصدقاء أو أفراد الأسرة الواحدة، من خلال تقديم دعابة بمحتوى مضحك عن طريق نشر الرعب أو الفزع دون النظر إلى الفكرة أو الوسيلة التي يتم الاستعانة بها ومدى خطورتها أو مدى تأثيرها النفسي أو البدني أو العقلي على الضحية.

وقالت إنه من الممكن أن تعرض هذه المواقف حياة الأشخاص للخطر أو الموت إضافة إلى امتداد أثر ذلك المحتوى للمجتمع بنشر التحريض على ارتكاب العنف وإن كان على سبيل المزاح، لافتة إلى أننا نجد ذلك على سبيل المثال عندما يقوم ممثل مشهور بتقديم برنامج تلفزيوني يقوم فيه بتعذيب شخص وسط ضحكات الآخرين، ناشراً فكرة الاستهزاء بالبشر التي تعتمد على الاستمتاع بتعذيب الآخرين في شكل مزحة.

شق قانوني

وتابعت أنه من المنظور الاجتماعي والقانوني فتلك التصرفات هي جريمة يعاقب عليها القانون، فالجريمة هي كل فعل يتعارض مع ما هو في صالح المجتمع والأفراد أو انتهاك عرف أو قواعد ومعايير تبناها المجتمع، وبسبب التقدم الحاصل وتشعب العلاقات وكثرتها وظهور أشكال متطورة للجريمة من حين لآخر، سعى المشرع الجنائي لمواكبة مختلف الجرائم التي تهدد أركان المجتمع، وتعرضه للخطر من خلال وضع الحماية المسبقة بغرض تجنب وقوع الجريمة ومنع استهداف ضحايا جدد، فالخطر في تعريفه اللغوي هو الإشراف على الهلاك، أما قانوناً فهو الضرر المحتمل الذي يهدد المصلحة التي يحميها القانون.

ولفتت المحامية نادية إلى أن نص المادة 399 من قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي على عقوبة الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين لكل من يرتكب عمداً فعلاً من شأنه تعريض حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم أو حرياتهم للخطر، وتكون العقوبة الحبس إذا ترتب على الفعل حدوث ضرر أياً كان، مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقررها القانون.

تجريم الاعتداء

ولما كانت حياة الناس وصحتهم وأمنهم وحرياتهم من أهم المقاصد التي يحرص المشرع على حمايتها وصيانتها، فقد شدد قانون العقوبات على تجريم الاعتداء على أي منها وعدّ أي فعل من شأنه تعريض حياة الغير للخطر، مفضياً للتجريم وملزماً للعقوبة على مرتكبه، ويلاحظ أن المادة جرمت الفعل العمدي، دون الخطأ، وهو ما يعرف قانوناً بالقصد الجنائي، وهو تعمد إتيان الفعل المجرم قانوناً وانصراف إرادة الجاني إلى تحقيق النتيجة المرجوة منه، وثبوت تعمد إتيان الفعل تستخلصه المحكمة من وقائع كل دعوى على حدة، لكون القصد أو النية هو أمر باطني عصي على الاطلاع فتَستشفه المحكمة من باقي الأدلة ومن قرائن الأحوال.

وبينت أنه ومن هذا المنطلق نجد أن المشرع اعتمد سياسة جديدة في التجريم بحيث أنه قرر المعاقبة على الفعل أو السلوك الخطر ولو لم يتحقق عنه ضرر، فالمعاقبة بهدف توفير الحماية للغير في محاولة للردع المسبق وبالتالي إرساء سياسة رادعة لكل إهمال يعرض الغير للخطر.

 

شباب عدن يضعون مدينتهم على خارطة الدبلوماسية الثقافية والسياحية العربية


السفير طريق يعزي العقيد / محمد العراسي بوفاة والده


مؤسسة امل لرعاية الأيتام والفقراء تدشن مهرجانها الخيري العاشر 2025م بالعاصمة عدن


مركز التوعية البيئية وهيئة حماية البيئة يبحثان سبل التعاون المشترك في عدن