مقالات

في حضرموت.. إستراتيجية رسمت ومسار لا يحيد

مجال نت

مقال الرأي/كتبه صايل بن رباع


في 31 يوليو 2024، انطلقت الاحتجاجات السلمية التي قادها حلف قبائل حضرموت عبر رجال القبائل الحضرمية، بدعم سياسي من مؤتمر حضرموت الجامع – ممثل حضرموت في الشرعية اليمنية – وبدعم شعبي ونخبوي واسع، تعبيراً عن حالة السخط من تردي الخدمات والجمود السياسي، ومحاولات فرض ممثلين لحضرموت وحرمانها من حقها في التمثيل السياسي الحر في أي تسويات شاملة في اليمن.

لم تكن أزمة الكهرباء أو إضرابات المعلمين سوى جزء من مظاهر هذا التردي الذي تعيشه حضرموت، فقد شمل التراجع جميع مناحي الحياة، في ظل سيطرة مركزية شاملة للقرار والثروات، ووعود متكررة (لم تنفذبشكل حقيقي) بمنح حضرموت 20% فقط من مداخيلها، وهو ما ينظر إليه الحضارم على أنه شكل من أشكال الازدراء الاقتصادي الذي تمارسه النخب اليمنية تجاه حضرموت.
فكيف يُعقل أن تُمنح أكبر المحافظات اليمنية حجماً وأهمها اقتصادياً 20% فقط من عائداتها، وهي التي أدرت المليارات على الحكومة اليمنية عبر العقود الماضية، بينما بقيت مهمشة وخارج العصر من المنظور التنموي؟

وبموجب استراتيجية محكمة سار عليها الحضارم، تصاعدت مطالبهم تدريجياً بالتوازي مع مواقفهم السياسية، حتى أجبروا الحكومة اليمنية على النظر في "المعضلة الحضرمية" والتعامل معها بجدية، فأصدرت قرارات رئاسية تمثل نوعاً من الاستجابة للمطالب الحضرمية.
غير أن الحكومة فشلت في رسم مصفوفة تنفيذية حقيقية لتلبية تلك المطالب، مما دفع الحضارم إلى رفع سقف مطالبهم نحو الحكم الذاتي، واستطاعوا إيصال صوتهم إلى الإقليم والعالم، اللذين تفاعلا مع الملف الحضرمي كداعم للمطالب المشروعة وداعٍ للاستقرار في حضرموت.

وتمكّن حلف قبائل حضرموت من الضغط بخطوات تنفيذية تمثلت في إنشاء قوات حماية حضرموت كقوة حضرمية خالصة، وأعلن الحلف تبنيه لـالفريق الوطني لإعداد وثائق الحكم الذاتي لحضرموت.

ومنذ الإعلان التاريخي لحضرموت في 12 أبريل 2025، وهو يوم انطلاق العمل على مشروع الحكم الذاتي، وتبعه الإعلان عن الفريق الوطني لإعداد وثائق الحكم الذاتي في 12 مايو 2025 كفريق مستقل ومشكل من نخب من مختلف الرؤى السياسية، أنجز الفريق الوطني خلال ثلاثة أشهر حتى منتصف يوليو 2025 استراتيجياته، وقسّم فرقه لإنتاج الوثائق.
وخلال الفترة من منتصف يوليو حتى منتصف أكتوبر الجاري، سيكون الفريق قد أنجز الجزء الأهم من وثائقه، وهو ما يشكل الجزء المؤسس لكيان حضرموت وشكل مستقبلها ولكيفية إدارة حضرموت لنفسها وبناء مؤسسات الحكم الذاتي فيها.

تزامنت هذه الفترة مع عمل دؤوب من لجنة التواصل والاصطفاف واللجنة السياسية في الفريق الوطني، حيث التقتا بمعظم الطيف السياسي والنخب والوجاهات الحضرمية، ورسمتا شبكة علاقات حضرمية معقدة هدفها رسم مستقبل حضرموت والتمهيد لإطلاق مؤسسات الحكم الذاتي وتفعيلها على الأرض في الوقت المحدد.
كما استطلعت آراء وتطلعات الحضارم من خلال الندوات الشعبية في المديريات المختلفة عبر مؤتمر حضرموت الجامع، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي شهدت إطلاق أول منصة تواصل حضرمية لاستطلاع رأي الشارع والمهجر الحضرمي ومن خلال اللقاءات والمباحثات عبر وسائل التواصل،

وانطلاقاً من إدراك أهمية دور المهجر الحضرمي، تم دعم تحركات الجاليات والتواصل المستمر مع حضارم شرق آسيا وإفريقيا وأوروبا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية.
كما تم غرس بذرة تشكيل جاليات حضرمية في الأمريكيتين وأوروبا، وعُقدت لقاءات في شرق آسيا حضرها شخصيات مؤثرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، بينهم وزراء خارجية سابقون ومرشحون للرئاسة وأفراد من عائلات ملكية آسيوية ذات إرتباطات حضرمية.

وقد جرى عقد سلسلة من اللقاءات الميدانية والافتراضية للتجهيز لـمؤتمر المهجر الحضرمي المزمع عقده في الربع الأول من عام 2026، بالتوازي مع الإعداد لإطلاق منصة حضرموت العالمية، مع تأمين الدعم اللازم ووعود بالتمويل من الخليج وشرق إفريقيا وشرق آسيا وبقية مناطق المهجر.

ولتحقيق اصطفاف حضرمي حقيقي وشراكة شاملة، أطلق الشيخ عمرو بن حبريش العليي رئيس حلف قبائل حضرموت، رئيس مؤتمر حضرموت الجامع ،الدعوة للشراكة الحضرمية في الاجتماع الاستشاري الإعلامي الذي عقد تحت شعار:
"الحكم الذاتي خيارنا"


وتم إعداد خطة الاصطفاف والشراكة تمهيداً لإعلان قيادة موحدة لمشروع الحكم الذاتي، تمثل مختلف الطيف الاجتماعي والسياسي الحضرمي المؤمن بحق حضرموت في السيادة وتقرير المصير.

وتخلل هذا العمل لقاءات واتصالات مع سفارات الدول المنخرطة في العملية السياسية، ومع منظمات دولية ذات صلة، إضافة إلى التواصل مع نخب وشخصيات يمنية وجنوبية وعربية ودولية للحوار حول آليات بناء المجتمعات وأنماط الحكم الرشيد، وتطلعات الحضارم في أن تكون حضرموت مركزاً مستقراً يخدم تنمية الإنسان الحضرمي والجغرافيا المحيطة به والعالم.

حضرموت اليوم تدخل المرحلة الثالثة من استراتيجية التوجه نحو الحكم الذاتي، متجهةً نحو الشراكة المحلية والتوافق على الوثائق النهائية للمشروع، ومسنودةً بـقوات حضرمية على الأرض، وقرارات رئاسية، ودعم إقليمي وتفهم دولي.
كما تستعد لإنجاز التشبيك الدولي وفتح خطوط الاتصال العالمية عبر ممثليات ومكاتب وتعاقدات مع مراكز دولية، وتحقيق تكامل بين الداخل والمهجر في سبيل بناء شراكة حقيقية مع كل المؤمنين بمشروع السيادة وتقرير المصير.

تتطلع حضرموت في المراحل القادمة لتسليم قيادة الملفات إلى جيل شاب متخصص ومتحمس، يمتلك بصمته في العلم والخبرة في التعامل مع العالم بلغته، ضمن شراكة فاعلة مع المكونات الحضرمية التقليدية، لضمان استمرارية المشروع بروح حضرمية متجددة، ورؤية تنموية رشيدة، وإرادة لا تلين.

صايل بن رباع
عضو الفريق الوطني لإعداد وثائق الحكم الذاتي لحضرموت

#النفط يرتفع بعد إعلان #أوبك+ زيادة أقل من المتوقع في الإنتاج


تمديد عمل بعثة تقصي حقوق الإنسان في #السودان عاماً آخر


الأرصاد: المنخفض الجوي في #بحر_العرب تراجع إلى عاصفة إعصارية


الشرمي: نهاية حصار غزة تكشف ذرائع الحوثيين وتؤكد حاجة اليمن لسلام عاجل