مقالات

العقيد فارس الكندي: من نار الثورة إلى وهج الجمهورية*.

مجال نت

في مثل هذين اليومين من تاريخنا الحديث : 26 سبتمبر و 14 أكتوبر، يتذكّر اليمنيون صرخات الحرية والكرامة التي أطلقها آباؤنا وجيلهم. لقد قاتلوا وطردوا استعماراً، وشقّوا دروباً نحو الجمهورية والكرامة الوطنية. لكن الاحتفال بالإنجاز لا يكفي؛ إنّ التفاخر بالماضي إذا لم يقترنه بعمل حقيقي في الحاضر يصبح مجرد سردٍ فارغ يُجهِض المستقبل.

للأسف، واقع اليمن اليوم يختزل جهود الأجداد إلى غبارٍ تجرّه الرياح: تشرذمٌ جغرافي وسياسي، ضعف مؤسسات، محاولات لتفتيت النسيج الاجتماعي، واستبدال العمل الوطني برعاية المصالح الحزبية والشخصية. ليس هذا نقداً استعراضياً فحسب، بل إنّه إنذار: إن لم نعيد بناء الدولة والمجتمع، فسيسجّل التاريخ أننا أهدرنا ميراثاً ثميناً.

نقاط ضعف قاتلة
• تشتت السلطة وضعف المؤسسات: المؤسسات التي تُبنى على قواعد متينة لا تنهار بسبب خلافات مؤقتة. حين تصبح الولاءات الشخصية والحزبية أهمّ من مصلحة الوطن، ينهار النظام العام وتزداد معاناة الناس.
• الاستعانة بالقوى الناعمة بدل القوة الحقيقية: غلبة المشايخ أو زعامات صغيرة دون قدرة حقيقية على الإدارة والتنظيم تقوّض إمكانيات الحلول العملية. الاحترام للتقاليد مهم، لكن لا ينبغي أن يحلّ محلّ الكفاءة.
• التحزّب والولاءات الضيقة: التحزّب على حساب المصلحة العامة يولّد عداءً ويعرقل أي محاولة لبناء رؤية مشتركة.
• البطالة والتدهور الاقتصادي: سؤال «ماذا سنقدّم لأولادنا؟» ليس مجرّد شِعرٍ بليغ — إنه سؤال يومي يعبّر عن هواجس الملايين. البطالة والافتقار إلى فرصٍ اقتصادية ينعكسان في الجريمة، والهجرة، وفقدان الأمل.

ما الذي يجب أن نفعله ؟ خطوات عملية وبنّاءة :

الحديث عن الحلول لا يعني تبنّي خطابٍ سياسي؛ بل يعني دعوة للعمل المدني والبناء الاجتماعي الذي يمكن أن ينجح بغض النظر عن الانتماءات. ومن خطوات ملموسة:
1. إعادة بناء المؤسسات بالخبرة والكفاءة: دعم مؤسسات التعليم والصحة والعدالة بإدارات محترفة وشفافة. دعم ممارسات المحاسبة والمساءلة في كل مستوى.
2. التركيز على التعليم والتدريب المهني: استثمار مواردنا في تعليم يناسب سوق العمل — حرف، تكنولوجيا، ريادة أعمال، لتقليل البطالة وإحياء الاقتصاد المحلي.
3. مبادرات محلية للاقتصاد والبيئة: تشجيع التعاونيات، المشاريع الصغيرة، وبرامج التمويل الأصغر التي تمنح الأسر أدوات الاستقلالية.
4. الحفاظ على النسيج الاجتماعي: تشجيع حوارات مجتمعية، مبادرات مصالحة محلية، وبرامج شبابية تجمع بين مناطق مختلفة على مشاريع عملية لا جدلية.
5. مقاومة الفساد بالوعي والمراقبة: دعم منظمات مجتمع مدني تعمل بشفافية، وتحميل الرسميين مسؤولية قراراتهم، مع التركيز على أدوات مثبتة للمساءلة.
6. العمل الثقافي والتوثيق: حفظ ذاكرة الثورة ونقلها للأجيال في شكل توثيقٍ أكاديمي وثقافي، حتى لا تتحول التضحيات إلى مجرد صور في أرشيفٍ مهمل.

لحظة صدق مع التاريخ:

التفاخر بإنجازات الآباء لا يعيبنا، لكنه لا يكفي. الأهم أن نجيب على السؤال: ماذا سنكتب لأولادنا؟ التاريخ لا يكافئ من يتكلم بشجاعة فقط، بل من يعمل بصبرٍ ويخلف أثراً ملموساً. إن أردنا أن تُسطر أسماؤنا بأحرفٍ طيبة، فليكن ذلك عبر بناء مؤسسات قوية، اقتصادٍ مستدام، ومجتمعٍ متماسك يحترم القانون والكرامة.

خاتمة: العمل هو الفخر الحقيقي

في ذكرى 26 سبتمبر و 14 أكتوبر، نُقدِّم احترامنا لمن صنعوا الجمهورية ونستذكر واجبنا تجاه ما تركوه لنا: أرضٌ تحتاج إلى من يبنيها، مجتمعاتٌ تحتاج إلى من يداوي جراحها، وأطفالٌ يحتاجون إلى مستقبلٍ لا نخجل أمامه. الفخر بالماضي يجب أن يتحول إلى عملٍ يوميّ ، تعليم، عمل، خدمة عامة، ومساءلة. هكذا نكون أوفياء للآباء، وهكذا نمنح لأولادنا تاريخاً يفتخرون به.
*دماء الآباء تصرخ: اكملوا المسيرة يا أبناء اليمن.*

غارات إسرائيلية تستهدف ميناء #الحديدة


شركة القطيبي تدشن مشروع أبراج المنصورة السكنية نقلة نوعية في الاستثمار والتنمية العمرانية


الجيش الإسرائيلي يوجّه تحذيرًا عاجلًا بإخلاء محيط ميناء الحديدة والسفن الراسية فيه


التابع لشركة القطيبي ومؤسسة الجهوري : *نائب محافظ عدن يحضر حفل تدشين مشروع ابراج المنصورة