أخبار

لا حكومة.. بل مجرد ديكور رسمي!

كتب حسام الحفاظي


فساد التعيينات يُفرغ مؤسسات الدولة من مضمونها الحقيقي.
في بلد يعاني من الانقطاعات المستمرة في الكهرباء، وانعدام الخدمات الأساسية، يتردد سؤال مرير في كل شارع: من يدير الدولة فعلاً؟

ففي خضم المعاناة اليومية التي يواجهها المواطن، وبينما يتحدث المسؤولون عن “خطط إصلاحية”، تبرز حقائق أكثر فظاعة على أرض الواقع، تتعلق بجوهر الدولة وأدواتها: من يشغل المناصب؟ وما مؤهلاتهم؟ ولماذا تحولت الوظيفة العامة إلى ملكية شخصية لا علاقة لها بالكفاءة أو الشهادة أو المسؤولية؟

أحد كبار المسؤولين الحكوميين، وأثناء حديث عن معاناة المواطنين في عدن، أطلق عبارة صادمة بكل برود: “ما فيش معانا حكومة!”
قالها وهو جزء من هذه الحكومة، وكأنه يعلق على مسرحية عبثية لا أحد يريد أن يتحمل فيها المسؤولية، بينما الواقع أكثر مأساوية من أن يُختزل بجملة ساخرة.

المهزلة الكبرى لا تكمن في الاعتراف بالعجز، بل في من يقود مفاصل الدولة فعلًا. داخل الوزارات، في صميم المؤسسات، تتكشف صورة مرعبة: مسؤولون رفيعو المستوى لا يحملون مؤهلاً جامعياً، بل إن بعضهم بالكاد تجاوز المرحلة الإعدادية. هناك وكلاء لا يجيدون كتابة ورقة عمل، ومديرون لا يفرقون بين القانون واللائحة، ناهيك عن قدرتهم على قيادة مؤسسة وطنية.

المنصب العام، الذي يُفترض أن يُمنح للكفاءات، أصبح في كثير من الأحيان مكافأة لرضى شيخ، أو جائزة لنشاط انتخابي سابق، أو تذكرة صعود اجتماعي لأشخاص بلا مؤهلات. المحسوبية صارت هي القاعدة، والولاءات السياسية والقبلية والمناطقية تحكم التعيينات وكأننا في سوق نخاسة إداري لا في دولة يُفترض بها أن تحترم مفهوم المرفق العام.

ما يحصل لا يندرج فقط ضمن الفساد المالي، بل هو فساد وظيفي خطير يعيد إنتاج العجز، ويُفرغ مؤسسات الدولة من مضمونها. حين يتم إقصاء الكفاءات لصالح من لا يملكون الحد الأدنى من الفهم الإداري، فلا تسأل عن التنمية، ولا عن القانون، ولا حتى عن النية. الإدارة تتحول إلى عبء، لا إلى أداة للحل.

والأسوأ أن أحداً لا يجرؤ على السؤال: ما الذي يجعل فلاناً وكيل وزارة؟ ما المعايير؟ ما الإنجازات؟ في غياب المساءلة، تتحول المناصب إلى حصص تُمنح بلا سند ولا وجه حق، فيما المواطن يدفع الثمن من كرامته ومن لقمة عيشه.

وهذه ليست مبالغة، بل خلاصة لحالة عامة باتت تنخر الدولة من الداخل. وكل من يطالب بإصلاح حقيقي، عليه أن يبدأ من هنا: مراجعة كاملة لملف التعيينات، ونشر مؤهلات كل من يشغل موقعاً قيادياً في الدولة، وربط المناصب بالمسؤولية لا بالقرابة.

إن المواطن، الذي يُطلب منه الصبر على الانهيار، لا يمكنه أن يثق في دولة تُدار بهذه الطريقة. الثقة تُبنى بالكفاءة والشفافية، لا بالشعارات. ومن يُريد بناء دولة حقيقية، عليه أن يبدأ أولاً بإعادة احترام عقل الدولة نفسه.

#اغتيال مندوب #محور_صعدة العسكري ومرافقه.. تفاصيل


وسط تصاعد بطش المليشيات.. الحوثي يُفجّر منازل أبرياء شمال #صنعاء


صور- تخرج تشكيلات قتالية عالية التجهيز من #قوات_درع_الوطن


تقدير موقف: اليمن يواجه تحديات متصاعدة في تأمين التمويل الإنساني