منوعات
مسألة وقت
نشاهد جميعاً وعلى كافة الأصعدة نماذج عِدة من أوراق الضغط السياسي والاقتصادي والمؤديات لتكوين الضغط الشعبي - الرأي العام - والذي يُصنف بأنه من أخطر الأزمات التي يمكن أن تواجهه الحكومات، وتعتبر نواة لنفوذ وهيمنة تجار الحروب والأزمات، مررنا كثيراً بمثل هذه المنعطفات وآخرها ورقة الضغط الكُبرى التي تستهدف المواطنين واحتياجاتهم الأساسية، اقصد هنا ملف الخدمات…
الكهرباء، المياه، الغِذاء، الرواتب، الاتصالات، النقل، جميعهن ملفاتٍ لها قيمة كبيرة لدى فئات المجتمع وخاصة المتوسطة ومحدودة الدخل، وأبسط مثال أن متوسط سعر السلة الغذائية يصل لحوالي مائة وخمسين ألف ريال يمني، فيما متوسط الأجور تصل مابين الستون والسبعون ألف ريال شهرياً، وقد يأتي الراتب ويُصرف مره كل شهرين إلى ثلاثة أشهر لبعض مؤسسات القطاعين العام والمختلط، وضع كارثي وأزمات مفتعلة ومتراكمة منذ عقد ونيف من الزمن، تعالو لنحضر كبار المختصين بالعالم - لدراسة الوضع العام - سيتفقون جميعاً على أن الحال مريب ومستعصي وليس له تحليلاً سوى أن (الله) موجود في اليمن، كما قالت إحدى الباحثات والصحفيات الأوروبيات…
ماذا يعني هذا؟، يمكننا تفسير ذلك بأن هناك إشكاليات بل وصعوبات جمة وفجوة كبيرة بين أطراف الصراع السياسي المحلي وبتأثير مباشر من اللاعبين الدوليين المرتبطين بهم، أي أننا كمواطنين قد تحولنا إلى كائنات مستهدفة كوقود يستخدم كأوراق ضغط واشتعال آني ومؤقت للوصول لأهداف من يتحكمون بمصير الشارع عبر جهاز تحكم لاسلكي بعيد المدى، فبدلاً من انشغالنا في البناء واستثمار أبنائنا بالتعليم والمناهج الدراسية والتطوير المستمر والتحديث لمختلف القطاعات الخدمية، فإنا مشغولون بمتابعة عدد ساعات الانطفاء ومواعيد ضخ المياه والسهر على تعبئة الخزانات وتغيير زيت المواطير و مراقبة أسعار الوقود وأسعار السلع الاستهلاكية وصرف العملات مقابل العملة المحلية…
الامتياز الوحيد أن من تراهم في الشارع - وهم من طبقات المجتمع المختلفة - جميعهم سياسيون وأطباء ومهندسون وخبراء في الذرة وعباقرة الـخ، وهم جميعاً يشتركون كونهم من خريجي هذا الوضع المتهالك الصعب والذي خلق منهم كلّ هذه التصنيفات الغير مفهومة ولكنهم على البركة يسيرون، هذا هو الحال بكل المقاييس والتضاريس والعِلل، وللأسف الشديد نحن من نساهم ونعزز بقاء هذا الوضع دون أن نشعر بل وأصبح الأمر عادياً لنا وكأنها شربة ماء…
مازلت أؤمن أنه بإمكاننا تجاوز كل تلك المُعوقات والمُنعطفات والمطبات الهوائية والأرضية، فقط بتكاثف الجهود والمساعي الصادقة والمستمرة في السعي لانتشال مجتمعنا من هذا التدهور الخطير فكرياً واقتصادياً وثقافياً وسياسياً، هي معركة بقاء وحتماً سينتصر الحق على الباطل والخير على الشر والصدق على الكذب، فهو وعد الاهي مؤكد ومُحقق وهي في نهاية المطاف عبارة عن مسألة وقت.
والله من وراء القصد